“أسواق الرحمة” تزاحم المكتبات في الأسعار

الغد الجزائري– لا حديث يعلو هذه الأيام سوى عن أسعار الأدوات المدرسية التي فاقت أسعارها سقف كل التوقعات وُصفت بـ”القياسية” مقارنة بالسنوات الماضية، حيث أدخلت العائلات الجزائرية خاصة أصحاب الدخل الضعيف في رحلة البحث عن المحلات والفضاءات التي تبيع بـ”أقل الأسعار”، فيما فضلت عائلات أخرى التوجه إلى أسواق الرحمة المخصصة لبيع المستلزمات المدرسية على وعسى ستجد على ما تبحث عنها وبأسعار معقولة على حد وعود وزارة التجارة.
وفي جولة استطلاعية لـ”الغد الجزائري” إلى بعض أسواق الرحمة للمستلزمات المدرسية، التي فتحت أبوابها عبر 58 ولاية أمام الأولياء والتلاميذ، بهدف اقتناء الأدوات المدرسية استباقا للدخول المدرسي المقبل خاصة لذوي الدخل المحدود، سجلنا أن طقم الأدوات المدرسية بالنسبة للسنة أولى والثانية من الطور الابتدائي يبلغ 1250 دج، فيما بلغ سعر الأدوات المدرسية الخاصة بمرحلة التعليم التحضيري 1150 دج و1350 دج بالنسبة لمستلزمات السنة الثالثة و 1850 دج بالنسبة لمستلزمات السنة الرابعة والخامسة ابتدائي، وهذا دون احتساب سعر المئزر والمحفظة.
محفظة تلميذ ابتدائي بالمئزر تكلف قرابة مليون سنتيم
وخلال الجولة، لاحظنا تهاتف الأولياء على شراء الأدوات المدرسية بالتجزئة، لعلهم يتمكنون من الظفر ببعض الدنانير تمكنهم من اقتناء مستلزمات أخرى أو دفع مصاريف النقل والعودة إلى ديارهم بعد يوم شاق للبحث بين أروقة الأسواق عن “أقل الأسعار”من جهة، وإقناع أبنائهم بشراء ما يلزمهم فقط من جهة أخرى، خاصة وأن أسعار المستلزمات المدرسية منخفضة نوعا ما، إذ يبلغ سعر كراس 90 صفحة و120 صفحة 105 دج، وكراس 192 صفحة بـ270 دج، و55 دج بالنسبة لكراس أعمال تطبيقية حجم صغير فيما يبلغ سعر كراس أعمال التطبيقية ذات حجم كبير بـ137 دج، وعلبة أقلام التلوين بـ250 دج، وأوراق الرسم بـ 25 دج. والأوراق المزدوجة 64 صفحة 56 دج، فيما تراوحت أسعار السجلات ما بين 400 إلى 500 دج وذات حسب الحجم المطلوب.
الأسعار “نار” في الفضاءات التجارية الكبرى
في المقابل تعرف أسعار الأدوات المدرسية في الفضاءات التجارية الكبرى ارتفاعا وصفه أولياء التلاميذ بـ”الجنوني”، حيث وثّق رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور لأثمان الأدوات المدرسية وتفاعل الفيسبوكيون معها من خلال التعليقات، إذ يبلغ سعر كراس 228 صفحة 520 دج، فيما لامس سعر السجل الخاص بمادة الفيزياء في الطورين المتوسط والثانوي 1200 دج، كما تعدى سعر الآلة الحاسبة 4 آلاف دينار جزائري، أما سعر الكوس والمسطرة والمنقلة فيبلغ 1450 دج، فيما تجاوز سعر المدور الذي يستعمل في مادة الرياضيات الـ1600 دج والمقص بـ250 دج والمباراة بـ 500 دج.
أسواق الرحمة.. أسعار مقبولة ومنخفضة بـ 40 بالمائة
بدوره، رحب مدير الديوان والأمين الوطني بالإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين عصام بدريسي في تصريح لـ”الغد الجزائري”، بمبادرة إقامة أسواق الرحمة عبر مختلف ولايات الوطن في إطار التحضير للدخول المدرسي المقبل المقرر في الـ21 سبتمبر الجاري، وذلك بالتنسيق مع مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات وجميع شركاء القطاع، موضحا بأن أسواق الرحمة للمستلزمات المدرسية هي اقتباس عن أسواق الرحمة الرمضانية التي يتم تنظيمها سنويا، وذلك بهدف ضبط الأسواق والعمل على خفض على الأسعار للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وقطع الطريق أمام الدخلاء وسماسرة المناسبات لخلق الندرة.
وأشار محدثنا، إلى أن الاتحاد شرع مبكرا في التحضير لاستحداث أسواق تضامنية خاصة بالدخول المدرسي الجديد، بالتنسيق مع مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات، حيث بلغ عدد الأسواق التي تم استحداثها 64 سوقا عبر مختلف ولايات الوطن، على أن يتم، حسبه، افتتاح المزيد من هذه الفضاءات التجارية الأخرى التي هي قيد الإنشاء، وهذا بعد تسجيل استجابة كبيرة للمنخرطين تحت لواء الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، من مستوردين وتجار الجملة والتجزئة، وكذا المنتجين للأدوات المدرسية. وأكد بدريسي، بأن هذه الأسواق التي افتتاحها قبل 3 أسابيع من انطلاق السنة الدراسية الجديدة، يتوفر فيها كل مستلزمات الأدوات المدرسية، من كتب وأدوات مدرسية وألبسة وأحذية، وحتى الأثاث المدرسي، بالإضافة إلى مختلف الهيئات ذات صلة، بما فيها المدارس الخاصة وجمعيات أولياء التلاميذ وجمعيات حماية المستهلك لمرافقة الأولياء والتلاميذ، وترشيدهم في اقتناء الأدوات، وفق المدونة الرسمية للأدوات المدرسية للأطوار التعليمية الثلاث- ابتدائي، متوسط، ثانوي- التي أفرجت عنها الوزارة الوصية مؤخرا في إطار الإجراءات المتعلقة بتخفيف وزن المحفظة المدرسية.
وحسب مدير الديوان والأمين الوطني بالإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين عصام بدريسي، فإن مهلة ثلاثة أسابيع قبل انطلاق الموسم الدراسي 2022/2023، ستكون كافية بالنسبة أولياء التلاميذ من اقتناء الأدوات المدرسية، كما ستعمل أيضا على تخفيف الضغط على تجار التجزئة والجملة، وحتى على المستوردين، مؤكدا بان الاتحاد رحب برزنامة الأدوات المدرسية للأطوار التعليمية الثلاث، المحددة من طرف وزارة التربية الوطنية الذي يندرج في إطار تخفيف من ثقل المحفظة.
وفيما يتعلق بأسعار المستلزمات المدرسية، في أسواق الرحمة، وصفها المتحدث، بـ”المقبولة”، كونها أسعار تنافسية وتضامنية، مشيرا إلى تسجيل الاتحاد أثناء تدشين معرض سوق الرحمة بصافكس بالجزائر العاصمة، انخفاضا في أسعار المستلزمات المدرسية بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 بالمائة في الكثير من المواد بما فيها المآزر والأدوات المدرسية وحتى الملابس وغيرها، مرجعا ذلك إلى المسار المباشر للسلع القادمة من المنتج إلي المستهلك، بالإضافة إلى الإجراء الذي أقرته وزارة التجارة وترقية الصادرات المتعلق، إلغاء الرخصة الاستثنائية بالبيع بالتخفيض وفتح الباب أمام كل التجار التجزئة والجملة للمشاركة مجانا في هذه الأسواق بشرط وحيد أن يكون فيه البيع تنافسي وخفض الأسعار للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وفق توجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على حد قوله.
مطالب باستدامة التجربة على مدار السنة
وفيما يتعلق أسعار المستلزمات المدرسية هذه السنة، أكد رئيس جمعية آمان لحماية المستهلك حسان منور في تصريح لـ”الغد الجزائري” بأن الأسعار خلال الموسم الدراسي الجديد 2022/2023 عرفت “ارتفاعا”، وصفه محدثنا بـ “غير المبرر”.
وقال، إن هذا الارتفاع جاء في الوقت الذي يعاني منه المواطن الجزائري بسبب تراجع القدرة الشرائية خلال الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى المصاريف الكثيرة التي أثقلت كاهل جيوب الجزائريين خلال الأشهر الأخيرة، من مصاريف عيد الأضحى والأعراس، والعطلة السنوية، بالإضافة إلى مصاريف شهر رمضان.
وأضاف، قائلا “إن هذا الارتفاع الفاحش في أسعار الأدوات المدرسية تسبب في معاناة حتى أصحاب الدخل المتوسط، إذ ليس من السهل على من لديه 3 أو 4 تلاميذ يتمدرسون أن يوفر محفظة مدرسية تجاوز سعرها 8 آلاف دينار جزائري”، معبرا عن أسفه لعدم تحكم الجهات الوصية في سوق الأدوات المدرسية، وهو ما دعت إليه، حسبه، جمعية الأمان لحماية المستهلك الحكومات المتعاقبة منذ 2017 للنظر في الموضوع بكل جدية، من خلال تشجيع الإنتاج المحلي والتقليص من الاستيراد والتحرر من الأسواق الخارجية، ما دفع بالكثير من المتعاملين الاقتصاديين إلى رفع أسعار الأدوات المدرسية بحجة ارتفاع تكاليف النقل البحري، بسبب غياب الضمير والروح الوطنية والمنافسة الشريفة.
بالمقابل، دعا القيادي في جمعية “أمان” لحماية المستهلك، أساتذة الأطوار التعليمية الثلاث، إلى التقليل في قائمة الأدوات المدرسية وعدم المبالغة، وتشجيع التلاميذ على إعادة تدوير الأدوات القديمة التي لا تزال صالحة للاستعمال من السنوات الماضية بهدف استغلالها خلال الموسم الدراسي الجديد، وذلك من خلال تحفيزهم ومنح نقاط إضافية لهم وجعلها عادة وسط التلاميذ. كما وجه أيضا نداء إلى أولياء التلاميذ لتفادي التبذير والتقيد بقائمة الأدوات المدرسية المطلوبة فقط.
وفيما يتعلق، بافتتاح أسواق الرحمة الخاصة بالمستلزمات المدرسية، تحسبا للدخول المدرسي المقبل، أكد حسان منور، بأن جمعية أمان لحماية المستهلك رحبت بفكرة افتتاح أسواق الرحمة لبيع المستلزمات المدرسية بأسعار تنافسية، بهدف تمكين أرباب العائلات من اقتناء مستلزمات أبنائهم المقبلين على العودة إلى مقاعد الدراسة في الـ21 سبتمبر المقبل، منتقدا غيابها على طوال السنة وجعل هذه الأسواق “الرحمة” مرتبطة بمناسبات معنية، كشهر رمضان والدخول المدرسي.
وبالمناسبة، دعا وزير التجارة إلى فرض آليات جديدة للتحكم في الأسعار وتحديد هامش الربح الخاص بكل المتعاملين الاقتصاديين.
تعليقات 0