استيطان المغرب والقضية الصحراوية.. فرنسا تتحرك دبلوماسيا لحشد الدعم العربي
الغد الجزائري- زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة العربية السعودية، المقررة بداية شهر ديسمبر ، تطرح تساؤلات حول إذا ما كانت لها علاقة بالوضع بالمغرب، خاصة مسألة التطبيع مع إسرائيل، خلافة الملك محمد السادس لاستكمال مشروع الاستيطان، مسألة اعتراف فرنسا بمغرببة الصحراء الغربية، العلاقات الجزائرية – المغربية.
الأكيد هو أن هذه الزيارة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوضع ذاته وبالحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها فرنسا فهي حتما تسعى لعقد صفقات تجارية، خاصة في مجال التسليح، نظرا لأن الصناعات العسكرية الفرنسية على وشك الإفلاس بسبب المنافسة الشرسة للدول العظمى مثل روسيا، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا التي تعد فعالة من الأسلحة الفرنسية التي عفا عنها الزمن.
إن الشيء الذي يستوقفنا أكثر في هذه الزيارة هو المساعي التي تقوم بها فرنسا لتسويق صفقة بيع المغرب لليهود، التي تتأكد كل يوم، أمام عجز فرنسا عن مواكبة التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها الساحة الدولية والتموقع دوليا أمام ما يحدث من تفكك داخل البيت الأوروبي.
لقد أصبح العالم في صراع محتدم بين القوى القديمة المتهالكة والقوي الجديدة المتمثلة في الصين، روسيا والدول الأخرى لمنتدى البريكس، ما يجعل فرنسا في وضع سياسي واقتصادي حرج، ما دفع بها إلى اللجوء إلى خيار الدعم العربي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السياسة الفرنسية الخارجية، التي لا موقع لها في الخريطة السياسية الجديدة للعالم متعدد الأقطاب.
لقد خسرت فرنسا رهان البقاء في إفريقيا أمام الصين وروسيا، وستخسر صفقة بيع المغرب لإسرائيل حتى لو دعمتها كل البلدان العربية فهي أيضا لا موقع لها في النظام الدولي الجديدة لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالولايات المتحدة التي أنهكتها الأزمة الاقتصادية العالمية والإنفاق العسكري المتزايد لدعم إسرائيل
وأوكرانيا.
إن عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، سيزيد الأمور تعقيدا، خاصة وأن الرئيس الأمريكي الجديد يضع مصلحة بلاده فوق كل اعتبار، وسيعمل على إيجاد موقع لها في النظام الدولي متعدد الأقطاب حتى لو اقتضت الضرورة التخلي عن حلفائه الأوروبيين والعرب.
لقد أصبحت الأمور في المغرب خارجة عن سيطرة القصر الملكي والمخزن وحتى فرنسا وإسرائيل، فقد أصبح الأمر بيد الشعب المغربي الذي ينتفض يوميا ضد التطبيع مع إسرائيل وضد سياسة المخزن والملك محمد السادس نفسه، وإن لم يعبّروا عنها صراحة حتى الآن ليمنحوه فرصة تدارك الوضع والتصدي للمخطط الصهيو-فرنسي لتهويد المغرب وزعزعة أمن واستقرار المغرب الكبير وإفريقيا.
يجب على فرنسا أن تفهم أنه لا مكان لإسرائيل في المغرب أو إفريقيا، ويجب عليها أن تفهم أن زمن الاستعمار قد ولّى، وإن أرادت أن تجد لها موقعا في إفريقيا فعليها العمل على بناء شراكة حقيقية وفق المعادلة الاقتصادية رابح رابح، وليس بمنطق المصالح الضيقة لفرنسا الاستعمارية، وأنه من الخزي أن تسير فرنسا القرن الواحد والعشرين على خطى فرنسا الاستعمارية التي يندى الجبين لجرائمها البشعة.
على فرنسا أن تفهم بأن المغرب الكبير والدول الإفريقية ليست أقاليم فرنسية ولها كل الحرية في اختيار سياستها وشركائها وفق ما تقتضيه مصالحها، ولا وصاية لأحد كان على سيادتهم عربا كانوا أم عجما.
تعليقات 0