الحوار الوطني… الالتزام الجماعي

الطبقة السياسية تتعهد بالبناء الديمقراطي والتحصّن ضد الاضطرابات الخارجية

الغد الجزائري- استهلت الأحزاب السياسية العام الجديد بعقد اجتماعات، في سياقات تتعلق بإعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن قرب الشروع في حوار وطني، على غرار “الأفلان”، و”الإرندي”، و”تاج” و”حمس” وغيرها من التشكيلات، التي تتابع عن كثب تطورات الوضع الإقليمي والدولي الحساس، وهي تضع كل اهتماماتها على الأحداث السياسية المرتقبة، لا سيما وأن الجزائر مقبلة على 2025 بخريطة طريق طموحة تتسم بمبادرات وإصلاحات سياسية هامة تهدف لتعزيز القاعدة الديمقراطية والحماية من الاضطرابات الخارجية.

حسب المتابعين، فإن خارطة الطريق هذه سيسمح تنفيذها باتخاذ خطوة جديدة في تكريس الديمقراطية التشاركية، حيث قدمها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال نشاطاته في 2024، ويتعلق الأمر بمراجعة قانوني البلدية والولاية، والتي انخرطت فيها الأحزاب والبرلمان. كما أن الأحزاب السياسية تشارك أيضا في مشروع مراجعة قانون الأحزاب، وهي مراجعة سيتعين عليهم القيام بها بأنفسهم، كما أعلن رئيس الجمهورية خلال خطابه للأمة يوم 28 ديسمبر، أمام غرفتي البرلمان. وتهدف هذه المبادرة إلى تحديث الإطار القانوني الذي يحكم النشاط الحزبي وتشجيع مشاركة سياسية أكثر ديناميكية وشفافية، وخاصة بين الشباب.

وقد أبدت الأحزاب رغبتها في المشاركة بنشاط في كل الإصلاحات التي بدأت بهدف تعزيز الديمقراطية وتلبية تطلعات المواطنين، كما أنها مستعدة لتقديم مساهمتها في البناء الديمقراطي. وباستكمال هذه الإصلاحات، سيتم الشروع في حوار وطني شامل يواجه التحديات الداخلية ويعزز الحقوق الأساسية للجزائريين وتقوية وتمتين الجبهة الداخلية أيضا.

 

الأفافاس: تحصين البلاد عبر الحوار والإجماع الوطني

قالت جبهة القوى الاشتراكية، في رسالة التهاني بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، “فإذا كانت 2024 سنة كل التحديات، فإن السنة التي نستهلها هي سنة التأكيد والالتزام الجماعي تجاه بعث ديناميكية مشتركة لتكريس الديمقراطية والتنمية وتحصين البلاد عبر إطلاق مسعى للحوار والبحث عن إجماع وطني”. وتابعت “فقط هذا التوجه نحو تجميع القوى الحية والاتحاد من سيمكّن بلادنا من رفع التحديات الجسام التي تواجهها، داخليا، لا سيما على الأصعدة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، في ظل ظرف دولي جد حساس على الصعيد الجيواستراتيجي، إن استدعاء ديناميكية جماعية مدفوعة بصحوة وطنية وتوافق تاريخي بين كل القوى الحية للأمة يمثل الحل الوحيد من أجل تعزيز الانسجام الاجتماعي ولنسج أواصر الثقة بين مؤسسات الدولة ومواطنيها، وهذا يجب أن يترجم عبر اعتماد خارطة طريق تكون في مستوى التحديات التي تنتظرنا بمباشرة إصلاحات عميقة وشاملة تأخذ بالحسبان المطالب المشروعة لكل شرائح المجتمع والتيارات السياسية الوطنية التمثيلية، والغاية الأسمى هي إقامة دولة قانون قوية، وفقط عندما نختار المصلحة العامة نستطيع بناء جزائر صامدة وثابتة أمام التهديدات الخارجية، جزائر بدور قيادي في إفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن الاتحاد الوطني الذي ننادي به ونتمناه واقعا أكثر بكثير من مجرد مشروع سياسي، وأسمى من أن يكون مجرد مشروع حزبي، فهو ضرورة تاريخية لإعلاء المصلحة العليا للجزائر فوق أي اعتبار”. وذكّر “الأفافاس” بـ”توفّر الجزائر على الموارد، الكفاءات والطاقة اللازمة لتصعد كقوة في المشهدين الاقتصادي والجيوسياسي الدوليين، فقط علينا أن نجتمع كلنا، مجتمعا أحزابا وسلطة، والالتزام بقيم التضحية، الحوار والتوافق”. وقال “نحن شعب جيلا بعد جيل، عرف كيف يكافح من أجل الحفاظ على الحرية، الكرامة والسيادة، وهو التصميم ذاته اليوم الذي يجب أن يقودنا ويمكننا من تجاوز الاضطرابات وبناء مستقبل واعد في خضم عالم مضطرب حيث موازين القوى والتحالفات الجيواستراتيجية تتغير باستمرار، فإن أفضل وسيلة للدفاع والصمود تكمن في وحدتنا وثباتنا”.

 

الإرندي” يلتزم بالمساهمة في تحقيق مسعى الإصلاحات

من جهته، ثمّن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، مصطفى ياحي، المكتسبات التي حققتها الجزائر خلال سنة 2024 على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والدبلوماسي. وأشاد ياحي خلال الاجتماع الدوري للمكتب الوطني للحزب، أول أمس، بحرص الدولة على ترقية الحوكمة المحلية وتعزيز دور المجالس المحلية المنتخبة في التنمية الوطنية من خلال مراجعة عميقة لقانوني البلدية والولاية وفق نظرة استشرافية متماشية مع الإصلاحات الهيكلية التي شهدتها البلاد منذ سنة 2020. وأكد الأمين العام للأرندي التزام الحزب بالمساهمة في تحقيق النتائج المرجوة لمسعى الإصلاحات ميدانيا من خلال منتخبيه ومناضليه عبر كافة ربوع الوطن. كما أشاد ياحي بالتزام رئيس الجمهورية تعزيز مبدأ السياسة التشاركية وتقوية الجبهة الداخلية من خلال حوار وطني جاد بصفة منظمة، في ظل وعي الطبقة السياسية والمجتمعية بمختلف مكوناتها بالتهديدات الخارجية التي تتربص بالجزائر جرّاء ثبات مواقفها وعلو صوتها في الساحة الدولية.

 

حمس” واعية بالتحديات التي تواجهها الجزائر

أكد رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، أول أمس، أن الحزب “مسؤول” وينبغي عليه التعامل مع مختلف الأحداث والتطورات التي تعرفها بلادنا بمسؤولية. وفي كلمة له بالندوة الجهوية الـ11 لإطارات ولايات الوسط، دعا حساني إلى “إثراء الرؤية التي تتبناها الحركة، وتسعى إلى تحقيقها بمشاركة جميع إطاراتها ومناضليها”، وأضاف “الرصيد الذي تحوزه الحركة يؤهلها للحديث عن مشروع متكامل لا يتعلق فقط بالجانب السياسي بل يمتد ليشمل تقديم أفكار وحلول تتعلق بتطلعات وآمال المواطنين”، واستطرد في  الشأن ذاته قائلًا: “نحن حزب مسؤول، وينبغي علينا أن نتعامل مع مختلف الأحداث والتطورات التي تعرفها بلادنا بمسؤولية”، كما أبرز في هذا الخصوص أن “الأمر لا يتعلق فقط بالشأن المحلي والوطني بل يعني أيضا القضايا الدولية وفي مقدمتها، القضية المركزية الفلسطينية”. وأشار حساني إلى أنّ الحركة “واعية بأهمية الوقوف على قراءة حقيقية وواقعية وموضوعية لمختلف التحديات التي تواجهها الجزائر اليوم، بالنظر إلى الأوضاع الدولية الحالية”.

 

الأفلان يتطلع لحوار بنّاء حول مختلف الرهانات

أوضح الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الكريم بن مبارك، أول أمس، أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، هو المُخوّل بتحديد تاريخ إطلاق الحوار الوطني، بناء على الظرف الذي يسمح بذلك، باعتباره صاحب المبادرة ودعا إليها، مضيفا أن ذلك سيتم “بعيدا عن أي ضغط أو أكراه أو ابتزاز”، مشددا على ضرورة تمتين الجبهة الداخلية، كما أشار إلى أن تحيين قانوني البلدية والولاية، وبعدهما قانون الأحزاب سيساهم في تثبيت أركان الدولة. وتحدث بن مبارك، في ندوة نظمها الحزب العتيد حول مشروع قانوني البلدية والولاية عن مبادرة الحوار الوطني الذي دعا آليه رئيس الجمهورية، حيث قال إن تشكيلته السياسية تترقبه على غرار الأحزاب الأخرى، وأضاف بشأنه “نريده أن يكون هادئاً وبنّاءً وناجحًا، حول مختلف الرهانات المرتبطة بالأمن والاستقرار ومواجهة الإكراهات الخارجية، في ظل تسارع التحولات الدولية الضاغطة في محيطنا الإقليمي”.