الدبلوماسية الجزائرية.. دعامة لتكريس الشرعية الدولية

الغد الجزائري- يظل البيت الإفريقي المشترك وقضايا التحرر، يشغلون بال الدبلوماسيين الجزائريين، وفي الالتزام وفاء لمبادئ تاريخية لا تحيد عنها منذ استرجاع السيادة الوطنية، فالإصرار على تموقع يليق بوزن افريقيا في ظل التجاذبات الدولية المختلفة بشكل ينهي حقبة الظلم والقهر، وتكثيف المساعي لإسماع الصوت الفلسطيني والصحراوي والاعتراف بحق الشعبين في دولتين مستقلتين لا يعدان ملاحق في الأجندة أو وسيلتان لجلب الثناء بل حجر أساس السياسة الخارجية التي تواصل زخمها وتأثيرها، ولعل جر أمريكا لتغيير الموقف حول وقف إطلاق النار غزة خير مثال على نجاحها ونجاعة منهجها.
وضع وزير الخارجية، احمد عطاف، يده على الجرح، في اجتماع لجنة العشرة الإفريقية لإصلاح مجلس الأمن، حين ذكر بالظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة، وضرورة منح الأولوية والاستعجال برفعه، مع تمكينها من تمثيل فعال في المجلس الأممي الذي تم تكليفه بصون الأمن والسلام العالمين، كعضو مؤثر لا يكتفي بترصد اتجاه الرياح، كما لم يفوت الفرصة لتجديد رفض الجزائر لكل المساعي التي تحمل في طياتها نوايا لا تخدم مصالح الشعوب الإفريقية تحت غطاء التنمية والاستقرار، وبهدف تشتيت الصف.
كلمة عطاف في اجتماع الأفارقة، أول أمس، نابع من مبادئ لم تكن مجرد حبر على ورق بالنسبة للجزائر، فهي وقود سياستها القارية التي أولت فيها الاهتمام للصوت الواحد والمرافعة الجماعية أمام رهانات وتحديات دولية لا تعترف بالضعيف والمبادرة الفردية، وكل التحالفات في أقاليم أخرى تتقن مهنة الصيد الوفير، وفي ظلام وزير الخارجية ما يلمح إلى أن عهد نهب الثروات في القارة السمراء وصنع سعادة الغير على تعاسة شعوبها قد ولى، وافريقيا تتطلع لأن تكون فاعلا في كل ما يحدث وترفض الاكتفاء بدور دور المتفرج، فلا حساب دون الاخذ بعين الاعتبار معادلتها.
رفض الجزائر إغراءات بعض الدول بنية المساس بالموقف المشترك للقارة وصرف النظر عمن ما هو أهم، على غرار دعوة الكيان لحضور اجتماعات الاتحاد الإفريقي، مؤخرا، ينبع من الرغبة في تحصين بيت الجميع ومعرفة مواجهة التحالفات الحديثة بصوت واحد لا تنتابه شبهات التناقض وتشتت الآراء، والكل يعلم أن لإفريقيا مبادئ، أسس وتقاليد تتعامل بها مع العالم ولا يجدي الخطاب الضعيف في زمن تسبيق المصالح على القيم الإنسانية.
افريقيا وقضايا التحرر “القضيتان الفلسطينية والصحراوية” رافقت الجزائر إلى مجلس الأمن، ولا يخفى على دبلوماسيتها أن طريق المعركة مليء بالأشواك، إلا أن بلادنا لا تتسرع للانبهار والتباهي وهي تعتبر كل ما يتحقق من أهداف في هذه المحاور أساسيات ينصفها الزمن بعد حقبة إجحاف وتجاهل، وحين تكللت جهود الجزائر لإنصاف فلسطين، لم يكن على أمريكا سوى اقتراح حل للحرب على غزة، وإن قال المندوب الأممي عمار بن جامع “النص ليس مثاليا”، لكن في الأعماق قناعة وفخر أن خطاباته -التي دافعت عن حق المظلوم وأنّبت ضمير المتواطئ مع الظالم- لا ينكر أحد فضلها في تغيير المواقف، ويد مندوبة واشنطن بمجلس الأمن لم تكن لتُرفع دعما لوقف إطلاق النار لو لم تلح الجزائر على تحمل المسؤوليات.. دبلوماسية تعود -دون ملل أو كلل- للشرعية الدولية لانتزاع حق من تراه الأنسب للدفاع عنه والأقرب لسياستها.
تعليقات 0