الشراكة الروسية – الصينية – الإفريقية قاطرة النظام الدولي الجديد

الغد الجزائري- لقد بدأت معالم النظام الدولي الجديد تتوضح أكثر بالشراكة الروسية – الصينية – الأفريقية، التي ستؤسس لعالم جديد وغد أفضل لكل الدول الأفريقية، وهذه الشراكة الاستراتيجية ستمنح دول القارة استقلالية أكبر لاختيار شركائها خدمة لمصالحها، وأكثر من ذلك ستحررها من الهيمنة الأوروبية – الأمريكية التي كانت ولا تزال السبب الرئيسي لتخلّف القارة برمتها.

إن هذه الإفرازات الجديدة للنظام الدولي متعدد الأقطاب، سيخلق شراكة قوية بين إفريقيا وهذه القوى العظمى لنهضة اقتصادية حقيقية ستغيّر ليس وجه القارة فحسب بل العالم كله، فهي تزخر بثروات تكفي العالم كله إذا توفرت شروط التقسيم العادل الثروة ونقل التكنولوجيا التي كانت حكرا على الدول الغربية وحدها.

على الدول الأفريقية المُضي قُدما في هذه الشراكة لقطع الطريق أمام الأطماع الاستعمارية للدول الغربية التي لا تكف عن زعزعة استقرار القارة أمنيا وتدميرها اقتصاديا واجتماعيا لاستنزاف ثرواتها، وخير الأمثلة على هذه العنجهية الأوضاع السائدة في دول الساحل والمغرب، الذي يتعرض لأكبر مؤامرة في تاريخه حيث أنه محل صفقة بيع أرضه ومقدراته للكيان الصهيوني ليكون وطنا بديلا لليهود.

ولهذا فالحل الوحيد لإيقاف هكذا مخططات لاستيطان الكيان الصهيوني في إفريقيا وتحويلها إلى شرق أوسط جديد هو في الشراكة الاستراتيجية مع القوى العظمى الجديدة أي الصين وروسيا وباقي دول منتدى “البريكس” إن الجزائر بحكم ريادتها وموقعها الجغرافي كبوابة إفريقية إضافة إلى علاقاتها القوية مع روسيا والصين، فهي مؤهلة لكي تكون محركا أساسيا لهذه الشراكة وحاميا للمصالح الاقتصادية لدول المغرب الكبير خاصة وإفريقيا عامة، لوقف المشروع الاستيطاني المغرب وضمان استقرار دول الساحل.

إن العالم يعيش مرحلة تاريخية تحت ظل النظام الدولي متعدد الأقطاب، الذي سيضع حدا نهائيا للإمبريالية والاستعمار ليس فقط في إفريقيا ولكن في العالم أجمع.

إن النظام الدولي الجديد لن يكون قطبا للصراع الأيديولوجي كما حدث في السابق بين الدول الرأسمالية والشيوعية، فلن تكون هنالك حرب باردة جديدة ولا تهديدات نووية، بل سيكون هنالك عالم أكثر عدالة من حيث تقسيم الثروة وعالما أكثر سلما شرط أن تتقبل الدول الغربية التفوق الروسي والصيني بكل روح تنافسية، والتوقف عن افتعال الأزمات سواء في الشرق الأوسط أو أوكرانيا والأهم وقف مشروع تهويد واستيطان المغرب.

فمثل هذه المؤامرات لن تخدم السلام الدولي ولن تزيد الأمور إلا تعقيدا، خاصة وأن مشكلة الكيان الصهيوني ستبقى عالقة بسب تعنّت الغرب في عدم تقبّل حل الدولتين في فلسطين واستيطان المغرب لن يحل المشكلة بل سيدخل العالم كله في صراع أكبر مما يتخيله الغرب، فنقل الصراع من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا وعلى مقربة من أوروبا له تداعيات أكبر على أمن واستقرار أوروبا كذلك.

إن فرص السلام كثيرة في الشرق الأوسط وفرص التعاون المشترك بين كل الأقطاب كثيرة، فعلى الجميع تغليب منطق الحكمة والمنفعة المشتركة لبناء عالم جديد أكثر أمنا وسلاما، وعلى الغرب أن يفهم بأن إفريقيا حرة في اختيار شركائها خاصة وأن التجارب القديمة مع الدول الأوروبية كانت الأسوأ على مرّ التاريخ، فالاستعمار الأوروبي وهيمنته على إفريقيا لم يجلب لها سوى الدمار والخراب.

إننا نؤمن بأن السلام الدولي لن يتأتى إلا بإرادة الشعوب على العمل سويا من أجل بناء عالم أكثر عدالة ونبذ العنف في حل النزاعات، خاصة أزمة الشرق الأوسط والصحراء الغربية.