الشرق الأوسط الكبير.. مشروع يهدد أمن واستقرار المغرب الكبير وإفريقيا كلها
يعتقد الكثير من المتتبعين للشأن العربي والأفريقي بأن الجزائر ستكون المحطة القادمة للغرب بعد السيطرة على سوريا، وكأن الغرب نجح في الإطاحة بنظام بشار الأسد عن طريق الحرب وليس بتقديم التنازلات كعادته في مثل هذه المواقف خاصة أمام خصوم بحجم روسيا والصين وحتى إيران.
الصحيح أن الغرب أنهكته الحروب في سوريا، غزة، لبنان وأوكرانيا، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي أوصلت الدول الغربية إلى الإفلاس، فلم يكن أمامهم سوى العمل الدبلوماسي الموازي لإيقاف الحروب وتقديم تنازلات لروسيا في الأزمة الأوكرانية وتنازلات اقتصادية للصين وكذلك في مسألة تايوان وربما تنازلات لإيران في الملف النووي والعقوبات الاقتصادية، فكيف له أن يغامر بإشعال حرب شاملة في المغرب الكبير والساحل الأفريقي لاستهداف الجزائر.
في كل الأحوال مخاطرة من هذا النوع ستكلف الغرب الكثير والكثير وربما ستكلفه أيضا مكانته كأحد أكبر الأقطاب الجيوسياسية وحتى نفوذه في الساحة الدولية، فإذا كان الغرب قد أمضى أكثر من أربعة عشرة سنة للإطاحة بنظام بشار الأسد فكيف سيتمكن من زعزعة مناطق جد عصية مثل المغرب الكبير والساحل الإفريقي، والجزائر هي إفريقيا كلها ولا يمكن زعزعة بلد بحجم قارة وقارة بحجم إفريقيا وهو الذي فشل في تدمير نظام بشار الأسد لولا تقديم تنازلات في كل القضايا الدولية.
إن المطبعين والمطبلين لفكرة زعزعة الجزائر هم في غفلة كبيرة عن الحقائق التي أحاطت بالنصر المزعوم للغرب في سوريا و في غزة ولبنان، ولأنه أصبح كيانا ضعيفا في بلده فهو يضن بأنه قادر على إثارة الأوضاع وتحريض الغرب لاستهداف الجزائر والقارة الأفريقية، وما يجهله النظام المخزني العميل هو أن حلفاؤه الغرببين واليهود لم يعودوا أسيادا للعالم وهم سائرون إلى الزوال في ضل النظام الدولي الجديد الذي تتزعمه الصين، وبوجود روسيا الضامن الأكبر للأمن والاستقرار الدولي.
في السباق نفسه جاء خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أمام نواب غرفتي البرلمان، لوضع النقاط على الحروف لكل من تسول له نفسه بالعبث مع الجزائر، وخريطة طريق للجزائر كونها دولة ناشئة وقوة إقليمية ضامنة السلام في إفريقيا، إضافة إلى ما يحمله من رد لمن يتناسى بأن الجزائر دولة مستقلة لا تقبل الاملاءات في الشأن الدولي ولا المساومات فيما يخص مصالحها الإستراتيجية.
ومن هذا المنطلق، دول المغرب الكبير وإفريقيا كلها ملزمة بالتجند من أجل التصدي لمشروع الشرق الأوسط الكبير، كونه لا يهدد أمن واستقرار الجزائر ودول المغرب الكبير لوحدها وإنما أمن واستقرار إفريقيا كلها.
لقد أصبح مشروع الشرق الأوسط الكبير مشكلة قارية، يجب التصدي له في إطار منظمة الوحدة الأفريقية أو الأمم المتحدة لما له تداعيات أمنية ولما خلفه من خراب ودمار في عديد الدول العربية ولما يشكله من تهديد للسلم الدولي.
تعليقات 0