باريس ترغب في فتح ملف الذاكرة
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، الأحد، أن القيام بـ “عمل على الذاكرة” مرغوب فيه بين فرنسا والجزائر بحيث يتناول “كيفية عيش الطرفين” لهذه المرحلة.
وكان لودريان يرد على أسئلة خلال حلقة مشتركة بين قناتي “ار تي ال” و”ال سي أي” وصحيفة “لوفيغارو” حول الجدل الذي أثارته تصريحات أدلى بها مؤخرا الرئيس ايمانويل ماكرون مقارنا بين فترة استعمار الجزائر واعتراف فرنسا في 1995 بالمسؤولية عن ترحيل يهود إبان الحرب العالمية الثانية.
وقال لودريان “المحرقة (النازية لليهود) جريمة لا تطاق ولا يمكن مقارنتها بشيء آخر في اي مكان، يجب الاعتراف بها كما هي”، لكن “السؤال الذي يطرح في العلاقات بين فرنسا والجزائر حول الذاكرة وكيف عاش الطرفان هنا وهناك النزاع، مطروح. ويجب أن نعمل معا على الذاكرة”.
وأضاف الوزير الفرنسي أن السلطات الجزائرية ترغب في هذا العمل مشددا على واقع أن الفرنسيين بدورهم “يحتاجون للحظة تذكير تاريخي وتثبت بشأن هذا الملف”.
ورأى وزير الخارجية أن “لدينا في الجزائر وضعا جديدا بالكامل سيؤدي بالتأكيد إلى تطورات مهمة في هذا البلد”، في إشارة إلى انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون.
وأضاف “هناك آفاق جديدة ترتسم للعلاقات بين فرنسا والجزائر. وإذا كانت الذاكرة المشتركة ضمن هذا الامر الجديد، سيكون ذلك نبأ سارا للجميع”.
ومنذ بداية ولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ولد بعد فترة من الحرب العالمية الثانية، تدخل الرئيس عدة مرات في هذا الحيز التاريخي الحساس، عبر تكريم ما يعرف بـ “الحركى” (جنود محليون في خدمة فرنسا)، او عبر الاعتراف بأن موريس اودين عالم الرياضيات المؤيد لاستقلال الجزائر والذي اختفى في 1957، كان “قضى تحت التعذيب على يد النظام الذي كانت تقيمه حينها فرنسا في الجزائر”.
وأثارت تصريحاته الاخيرة احتجاجات خصوصا لدى اليمين الفرنسي. ودعا لودريان إلى التفكير “بذهن صاف بما في ذلك مع مؤرخين جزائريين”.
وقال ماكرون يوم الخميس ان على باريس مراجعة ذكرى حرب الجزائر (1954-1962) لإنهاء “نزاع الذاكرة” الذي “يجعل الامر بالغ الصعوبة في فرنسا”.
هذا ويرى منتابعون أن خرجة الوزير الفرنسي محاولة من باريس قطع الطريق على كل استغلال لتاريخها المشترك مع الجزائر لاسيما من قبل الرئيس التركي طيب رجب أردوغان الذي اراد استخدام هذا الملف في صراعه مع الرئيس الفرني امانويل ماكرون ويرد على اتهامه باريس لأنقرة بإبادة الأرمن.
ويتزامن هذا التصريح مع توضيح صدر عن الخارجية الجزائرية تؤكد فيه أن كلام الرئيس عبدالمجيد تبون في ما يتعلق بتاريخ الجزائر قد “أخرج من سياقه” من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو ما أثار ضجة في وسائل الإعلام العربية والدولية.
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية “فوجئت الجزائر بتصريح أدلى به رئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان نسب فيه إلى رئيس الجمهورية حديثا أخرج من سياقه حول قضية تتعلق بتاريخ الجزائر”. وأكد البيان “بداعي التوضيح، تشدد الجزائر على أن المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية التي لها قدسية خاصة عند الشعب الجزائري، هي مسائل جد حساسة، لا تساهم مثل هذه التصريحات في الجهود التي تبذلها الجزائر وفرنسا لحلها”.
ويعد توضيح الجزائر تعقيبا على تصريح أدلى به أردوغان ضمن خطاب ألقاه أمام أعضاء حزبه العدالة والتنمية في أنقرة الجمعة وقال فيه إنه طلب من تبون تسليمه “وثائق تخص المجازر الفرنسية خلال الفترة الاستعمارية للجزائر”.
وقال أردوغان “لقد أبلغت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن الرئيس الفرنسي ماكرون لا يعرف شيئا عن هذه المجازر وسأقدم له هذه الوثائق لأنهم قاموا بهذه المجازر في الماضي بالجزائر”. وتابع “الرئیس الجزائري قال لي بأن فرنسا قتلت 5 ملايين جزائري”، مضيفا “علینا أن ننشر هذه الوثائق لیتذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده قتلت 5 ملايین جزائري”.
تعليقات 0