تحول الجزائر إلى الاقتصاد الأخضر رهان ناجح لمواجهة تداعيات الاحتباس الحراري

الغد الجزائري-شهدت الجزائر تغيرات مناخية خطيرة خاصة في السنوات الأخيرة من بينها الجفاف والتصحر حرائق الغابات وندرة الموارد الطبيعية، حيث عرفت الصائفة الماضية أطول فترة بلغت فيها درجة الحرارة منتهاها، أين صنفتها تقارير الأمم المتحدة ضمن ” البقعة الساخنة ” لظاهرة الاحتباس الحراري، فمن خلال العقود المقبلة من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بشكل أسرع حول البحر الأبيض المتوسط مقارنة بالمعدل العالمي، ولمواجهة هذا الخطر الداهم على البشرية وتماشيا مع التوجه الدولي للحفاظ على البيئة انتهجت الجزائر تبني سياسات الاقتصاد الأخضر لمواجهة التحديات البيئية وكبديل للإقتصاد الأسود حيث عملت على وضع مجموعة من الآليات وسن العديد من القوانين اللازمة وإنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات التي تحمي البيئة وتساهم في تمويل مشاريع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وهو الجانب الذي أعطى له رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عناية كبيرة خدمة للتوجه الجديد لـ “الجزائر الجديدة ” القائم على تبني فكر اقتصادي  مع مراعاة البعد البيئي .

التهديدات المناخية المحدقة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري

على الرغم من أن حصة الجزائر من التسبب بظاهرة التغيرات المناخية هي من بين الأضعف مقارنة مع الدول الأخرى ، إن تحدثنا عن المسؤولية التاريخية، وبالنظر إلى الحجم النسبي للغازات الدفيئة ( (GHG الصادرة عنها، إلا أنها في مقابل ذلك تعد من أكثر الأماكن قابلية للتأثر بهذه الأخيرة، بسبب موقعها الجغرافي الذي يجعل منها واحدة من 24 ” بقعة ساخنة ” هي الأكثر عرضة لتغير المناخ حسب ” اللجنة الحكومية الدولية للخبراء الدوليين حول تغير المناخ “، نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من البلاد يقع بالفعل في مناطق جغرافية حارة وجافة، بما في ذلك جزء من الصحراء، فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بشدة، وتزداد تحديات الوصول إلى موارد المياه .

حرائق الغابات

تم تسجيل خسائر فادحة للغاية في الجزائر في الفترة من 1 جوان إلى غاية 31 أكتوبر 2023، حيث حسب تصريحات صحفية للمدير العام للغابات جمال طواهرية، على هامش أشغال اجتماع إطارات قطاع الفلاحة والتنمية الريفية، أنه  دمرت حرائق الغابات أكثر من 41000 هكتار في 37 ولاية في البلاد وتم إحصاء ما مجموعه 97 حريقا مهولا مما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 34 شخصًا، وإصابة 40 آخرين، وفقًا لتقييمات وزارة الداخلية الجزائرية، حيث أوضح خالد فوضيل أستاذ وباحث في المجال البيئي من جامعة قسنطينة 03، أنه خلال شهر جويلية الماضي  كانت  الحرائق كارثية خاصة مع تسجيل ضحايا بشرية، أين استهلكت في لحظات 24  ألف هكتار من الغطاء النباتي خاصة في ولايات بومرداس، وتيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة، وهذا رقم مهول جدا، وأعتقد أن سبب زيادة الحرائق هذه السنة هي درجة الحرارة القصوى أين بلغت 55 درجة الصيف الماضي، تجدر الإشارة أن 30 ألف هكتار من الأراضي تتعرض للحرائق سنويا حسب مصالح المديرية العامة للغابات، فيما يتم  غرس 40 ألف هكتار  لتعويض هذه الخسائر. ضمانا للتوازن البيئي في الجزائر وحفاظا على الثروة الغابية.

وبخصوص الإستراتيجية المثلى لمكافحة حرائق الغابات أشار الباحث أو المختص لبيئي خالد فوضيل لـ “الغد الجزائري” أنه على الدولة أن تعتمد على المعطيات العلمية، وعلى تقارير الخبراء، وإشراك جميع المتخصصين، والباحثين في المجال خاصة مجال البيئة والمناخ ومناضلي البيئة، والمجتمع المدني، من أجل وضع هذه الإستراتيجية الوطنية . مضيفا أنه يجب على الدولة وضع جميع الوسائل القانونية والبشرية والمادية واللوجستية من أجل حماية الغابات من الحرائق، وهنا يمكن أن نفصل بالنسبة للقوانين، يجب أن تكون هناك قوانين تفرض على المناطق ورؤساء البلديات والولاة وضع مخططات “النجدة والتدخل ” قبلية للوقاية، هذه المخططات تقوم على أساس توضيح المناطق المعرضة للحرائق وأسباب حدوثها .

التصحر وندرة مصادر المياه

صنّف بيانٌ صادر عن وزارة الموارد المائية والأمن المائي أن الجزائر تعد ضمن البلدان الفقيرة من حيث المورد المائي، بسبب فترات جفاف طويلة ومتكررة، مع عجز في نِسَب التساقطات المطرية، والتي أصبحت أطول، إلى تفاقم ظاهرة التصحر. في الواقع  يعاني أكثر من 50 مليون هكتار حالياً من مستوى متقدم جداً من التصحر، حيث يضطر سكان الأرياف الذين يتألفون أساساً من المزارعين ومربي الماشية إلى النزوح إلى المدن الكبيرة لضمان بقائهم. هذا الوضع هو نتيجة مباشرة لتدهور التربة وندرة الموارد المائية في تلك المناطق.

وأوضح الخبير البيئي خالد فوضيل أن الجزائر حاليا مصنفة حسب تقارير الأمم المتحدة 2020/2021 من بين 25 بلد إفريقي الذي سوف يعاني من الإجهاد المائي وهذا يرجع إلى التغيرات المناخية من جهة ومن جهة أخرى يشير محدثنا أنه هناك أسباب خاصة أخرى يجب أن نركز عليها، والتي تؤدي إلى ندرة المياه وإلى المشاكل في تسيير هذه المادة الحيوية، ألا وهي الإدارة السيئة أو التسيير السيئ وغير العقلاني لهذه المادة ولكل الموارد بصفة عامة رغم أنه في الجزائر هناك سياسة وطنية لتسيير هذه المياه، فهناك وزارة ومديريات ولكن ما زالت كل القرارات لم تصل إلى حد أن نتوصل إلى تسيير عقلاني فعال يتوافق مع المستجدات والتغيرات التي تحدث في العالم، أحيانا يكون التسيير كارثي لهذه المادة وكما رأيتم العام الماضي تم تقريبا إفراغ جميع السدود من منسوبها دون أن تكون هناك دراسة استباقية أو استشرافية.

خطر الأمن الغذائي

تعتمد الجزائر في تحقيق أمنها الغذائي على قطاعها الفلاحي كما تسهم القطاعات الزراعية في العديد من دول العالم بشكل كبير في توفير احتياجاتها الغذائية. ووفقاً لتقارير عربية وعالمية رسمية فإن الجزائر تعتمد على الاستيراد لتوفير أكثر من نصف احتياجاتها من المواد الغذائية ناهيك عن كونها رابع مستورد للقمح في العالم، حيث تستورد الجزائر نحو 7.7 مليون طن من القمح سنوياً، ما يجعلها رابع أكبر مستورد للمادة في العالم، بالمقابل هناك مخاطر حقيقية تهدد الأمن الغذائي للمواطن الجزائري بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وما نجم عنها من تغيرات مناخية أثرت وتؤثر على الإنتاج الفلاحي المحلي والذي قد يفاقم من مشكلة الأمن الغذائي.

وحسب الخبير الفلاحي الدكتور أحمد مالحة، أن تداعيات الاحتباس الحراري أصبحت محسوسة بشكل متزايد ومقلق، لاسيما من خلال تناقص كمية الأمطار وتدهور نوعية التربة وتآكل السواحل. فقد أظهرت الأرقام خطورة ذلك بوضوح، حيث يتعرض أكثر من 13 مليون هكتار من الأراضي إلى الانجراف، وتخسر الجزائر ما يقارب 400 ألف هكتار سنوياً بسبب هذه الظاهرة، بالإضافة إلى تداخل الفصول وندرة المياه والجفاف المتكرر مع انخفاض في نسبة هطول الأمطار مما تسبب في تعطيل التقويم الزراعي وانخفاض في غلة الحبوب بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

وفيما يخص المردود الزراعي فيترقب الخبراء  انخفاضاً من 10 إلى 20 في المائة في أفق سنة 2040 مقارنة بسنة 2011، ويرى الخبير الفلاحي أحمد مالحة أن الجزائر لديها كل القدرات والإمكانيات من أجل الحفاظ على السيادة الغذائية وتجاوز والتقليل من مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري وذلك من خلال تكييف الزراعة بالتغيرات المناخية الحالية والاعتماد على الفلاحة الذكية، كذلك الاهتمام بالبحث العلمي في المجال الفلاحي.

التلوث الصناعي

بالرغم من أن الدول المتقدمة هي وراء المشكلات الدولية للبيئة، إلا أن مصير جميع الدول مشترك سواء في التأثر بالتلوث المناخي وتحمل تبعاته مما يستوجب اتخاذ تدابير وقائية للحفاظ على الوسط البيئي، وحسب المختص في التلوث الجوي حمزة مرابط حيث أن الجزائر من الدول النامية التي يرتكز اقتصادها أساساً على المحروقات وما تسببه من غازات دفيئة، لكن هذه الموارد تمثل بدورها أكبر حصة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وبناءً على معطيات سنة 2000، فقطاع الطاقة هو أكبر مصْدر للانبعاثات في الجزائر، بنسبة قدرها 75 في المائة من إجمالي الانبعاثات في البلاد. تنتج هذه الإنبعاثات أساساً عن استهلاك الطاقة (الإنتاج، النقل، التعمير والصناعة بنسبة 46 %، ثم إنتاج ومعالجة ونقل الهيدروكربونات بنسبة 20 %، وتمييع الغاز الطبيعي 8 %). أما قطاعات الزراعة وتغيير استخدام الأراضي والغابات فتنتج 11% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة. فيما يمثل قطاعا النفايات والنشاطات الصناعية 10% منها (95 في المائة ينبعث على شكل ميثان CH4 من مكبات النفايات)، و5% (على شكل CO2 من صناعة الإسمنت)، وذلك على التوالي من إجمالي الانبعاثات.

تلوث البيئة البحرية والمناطق الساحلية 

تعاني الجزائر من التلوث البحري باعتبارها تطل على واجهة بحرية مهمة من البحر الأبيض المتوسط تصل إلى حوالي 1600 كلم من تونس شرقا إلى المغرب غربا والتي تضم 14 ولاية ساحلية و136 بلدية ذات واجهة بحرية وتحتوي هذه المساحة على تنوعا بحريا هائلا يقدر بحوالي 4150 نوعا بحريا من أعشاب ومحارات طبيعية والشعب المرجانية.

ويوضح الباحث الأكاديمي في المجال البيئي الدكتور سلامي براهيم أنه من بين مشاكل التلوث التي تعاني منها الواجهة البحرية الجزائرية حسب تقرير وكالة البيئة الأوروبية نجد مياه الصرف الصحي الغير المعالجة من الاستخدام الحضري والصناعي، كذلك هيدروكربون البترول منتشر بشدة على طول خط الساحل الجزائري وذلك باعتبارها منطقة عبور إستراتيجية للمنصات وحاملات النفط والعديد من المواد الكيميائية المضرة المتجهة إلى الدول الإفريقية خاصة، كذلك تأكل السواحل يعتبر من القضايا المحورية حيث تعتبر 85 % من السواحل الرملية الجزائرية البالغ طولها بين 250 و300 كلم أخذة في التراجع وهذا نظرا للنهب العشوائي للرمال وهي تفقد الرمل بمعدل 0.30 و 10.4 متر سنويا، ومن بين المناطق المهددة من خلال مياه الصرف الصحي والصناعي التي تصب في سواحلها نجد ولاية وهران وسكيكدة وعنابة والغزوات ومستغانم، حيث تحتوي على مواد كيميائية ضارة التي يصطلح عليها بالمياه الثقيلة لاحتوائها على مجموعة من مواد التعدين كالنحاس والرصاص والزنك والشحوم، الزئبق ومواد مخصبة.

خطر الصحة العامة 

تشير بعض الدراسات التي أجريت في الجزائر أن تداعيات الاحتباس الحراري ستشكل خطرا على صحة المواطنين وذلك من خلال العدوى المرتبطة بالمناخ والتي تمس أوساط العيش كالماء والهواء إذ يشير الطبيب الأخصائي في علم الأوبئة الدكتور صدوق سعيد بالمؤسسة الجوارية للصحة العمومية بالمشرية أن من بين الأمراض التي يسببها التغير المناخي من ارتفاع لدرجة الحرارة والجفاف نجد تعمق انتشار الأمراض المتنقلة عبر المياه  والأغذية، كحمى التيفوئيد والملاريا والديسانتاريا والتهاب السحايا وإسهال الأطفال، وهذه الأمراض تتزايد طردياً عبر السنين مع تناقص وفرة المياه كماً ونوعاً في الجزائر، كذلك زيادة الأمراض المنتشرة بواسطة النواقل والقوارض.

ومنها مرض الملاريا الطفيلي، ومرض الليشمانيات الجلدي أو كما يسمى ” مسمار بسكرة ” والذي كان محصوراً سابقاً في المناطق الصحراوية والجافة، لكن بدأت الإصابات به تزداد مع السنين إلى أن بلغت أكثر من 25 ألف حالة سنة 2005، مع امتداده إلى المناطق الأكثر اعتدالاً من الناحية المناخية كالهضاب العليا.

كما عرفت ولايات الوسط الجزائري في 2018 موجة كوليرا أصابت أكثر من 83 شخصاً وأودت بحياة شخصين، ناهيك عن زيادة الأمراض المعدية، فارتفاع درجات الحرارة ونقص التساقط من شأنه التشجيع على انتشار الأمراض المعدية كمرض التراخوما أو الرمد الحُبيبي، والبلهارسيا، أو ظهور أمراض جلدية كحمى الريف أو حمى النيل .

الجهود الوطنية المبذولة للانتقال نحو للاقتصاد الأخضر للحفاظ على البيئة

يعد الاقتصاد الأخضر بمثابة طوق النجاة لجميع دول العالم من أجل التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه مجال البيئة العالمي، ومن هذا المنطلق تولي الدولة الجزائرية أهمية كبرى للإقتصاد الأخضر، من خلال تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع في هذا المجال، وبدأت في التوجه نحو الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد كأحد السبل المهمة والرئيسية في خطط التنمية الشاملة التي تجري عبر التراب الوطني، مع مراعاة الأولويات الاقتصادية والبيئية للدولة، كما تؤكد ذلك تعليمات وتوصيات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الرامية إلى وضع دعائم التحول الطاقوي والبيئي في بلادنا، مع التسريع في تنفيذ التزاماته، بما في ذلك الالتزام 21 المتعلق بتشجيع استعمال الطاقات المتجددة و الالتزام 33 المتعلق بضمان إطار معيشي للمواطن يحترم متطلبات التنمية المستدامة و الحفاظ على البيئة و اللذان يهدفان إلى تبني نمط اقتصادي جديد خارج المحروقات .

مشاريع الاقتصاد الأخضر 

أطلقت الحكومة برنامجًا لتطوير الطاقات المتجددة يرتكز على توفير حوالي 22000 ميغاواط من مصادر متجددة بين عامي 2011 و 2030، منها 12000 ميغاواط ستخصص للطلب الوطني على الكهرباء، و 10000 ميغاواط للتصدير.

وعلى الرغم من الأهمية التي وُضعت لهذا البرنامج إلا أنه لم يحقق أهدافه كاملة، ففي 2015 تم تعديل الهدف الأولي المتمثل في إنتاج 40٪ من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030 إلى 27٪ فقط، وهو المسعى الذي تحاول الجزائر تحقيقه قبل الآجال المحددة، ولتحسين الخدمات والبنية التحتية وضعت عدة سياسات، المتعلقة بتطوير الطاقات المتجددة ضمن أطر قانونية ونصوص تنظيمية، خصصت لها الوزارة الأولى أولوية البحث العلمي نذكر منها مركز تطوير الطاقات المتجددة، وكذلك وحدة تطوير معدات الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى وحدة الأبحاث التطبيقية المتجددة، ومعهد الجزائري للطاقات المتجددة، وكذلك وحدة الأبحاث في مجال الطاقة المتجددة في الأراضي الصحراوية.

كما صرح الخبراء لجريدة الغد الجزائري أن الطاقات المتجددة و على وجه خاص الطاقة الشمسية ستضمن للجزائر المكانة كبلد منتج ومصدر للطاقة، وذلك عن طريق زيادة إيراداتها ومداخليها المالية من أسواق الطاقة في المستقبل البعيد، ناهيك عن تخلصها من التبعية البترولية أو ما يعرف بالطاقات الأحفورية التي تعتبر عدوة للبيئة، كما شددوا على ضرورة ضبط إستراتيجية شاملة للاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية بالجزائر .

مجال النقل المستدام 

يعد قطاع النقل والمواصلات خاصة النقل البري من أهم مصادر التلوث التي تعاني منها الجزائر وهذا نظرا لكمية الانبعاثات الناجمة عنه، ومن أجل تدارك هذا المشكل البيئي تم إنجاز عدد كبير من المشاريع وأخرى في طور الإنجاز لجعل هذا القطاع أكثر كفاءة للمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد في سياق ذي صلة يكشف الخبير الاقتصادي الدولي البروفيسور فارس هباش ل” الغد الجزائري” أنه من بين المشاريع التي شهدت طفرة نوعية في قطاع النقل نجد الطريق السيار شرق غرب الذي تبلغ مسافته 1216 كلم، كما سيتم الشروع في إنجاز الطريق السيار الذي يربط الهضاب العليا بمسافة 1020 كلم، ومن خلال المخطط الخماسي الذي برمج سنة 2010 و2014 والمتعلق بتحديث قطاع النقل الجماعي والحضري مابين المدن عبر تعزيز خطوط شبكة الترامواي يتضمن بالأساس 22 مشروع على مستوى المدن الكبرى، سبقتها عملية إنجاز مترو وترمواي العاصمة إلى جانب ترامواي قسنطينة ووهران وسيدي بلعباس وقسنطينة وورقلة ومستغانم، كما تتوفر الجزائر حاليا على شبكة من السكك الحديدية طولها 4200 كلم منها 1000 كلم تم كهربتها ويرتقب أن تصل نحو 12.500 كلم في أفاق  2030، كما تم تزويد المركبات العمومية بالغاز المميع كبدل للبنزين، وتهدف هذه المشاريع إلى بعث التنمية المحلية، إضافة إلى تسهيل تنقل الأشخاص، ونقل السلع والبضائع كما لها بعد بيئي ألا وهو التخفيض من الانبعاثات الناجمة عن تلوث الهواء .

الفلاحة مستقبل التنمية الاقتصادية

تولي الجزائر اهتماما خاصا لقطاع الفلاحة باعتباره مستقبل الاقتصاد الوطني خارج المحروقات، ومن هذا المنطلق أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بإعادة هيكلة القطاع الفلاحي بغرض تحسين أدائه في السنوات القادمة، حيث أشار في هذا الصدد ” لقد قررنا إعادة هيكلة قطاع الفلاحة وقد حددنا مسارا لتحسين أدائه بأكثر من 50% بالنسبة للعام القادم “، كما شدد رئيس الجمهورية على ” ضرورة إخراج الفلاحة من الطابع الاجتماعي، إلى الطابع العلمي، وفق نظرة عصرية، تشمل تكوين وتأهيل المورد البشري”، كما أمر بـ”تغيير الإدارة التقليدية لتسيير الفلاحة، واستحداث شعب جديدة في كل الولايات، على غرار الشعب الموجودة وطنيا”.

يذكر أن قطاع الفلاحة نجح في رفع التحدي المتمثل في الأمن والسيادة الغذائية في مواجهة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، حيث تعتبر الجزائر البلد الإفريقي الوحيد الذي تم تصنيفه مع الدول المتقدمة في تحقيق الأمن الغذائي حسب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة وقال تقرير لوزارة الزراعة  الأمريكية، أن الحرب الروسية الأوكرانية لم تؤثر على واردات الجزائر من القمح. خاصة وأنها تمثل 4 بالمائة فقط. فيما توقع بالمقابل، زيادة نسبة إنتاج المادة في الجزائر بنسبة 10 بالمائة العام المقبل، هذا وتطمح الجزائر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الكلي في مجال إنتاج القمح الصلب والشعير وزيادة ملموسة في إنتاج القمح اللين، كما تسعى السياسة الفلاحية الجديدة إلى ترقية الاقتصاد الأخضر من أجل ترشيد تسيير الموارد البشرية كذلك تحث على ضرورة الاعتماد على الزراعة البيولوجية، وبهدف تعزيز القطاع الفلاحي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي للبلاد تم إنجاز العديد من الإنجازات على غرار البنك الوطني للبذور .

سن قانون جديد متعلق بالاستثمار 

اتخذت الحكومة إجراءات واعدة متعلقة بالاستثمار من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني، تتمحور هذه التدابير في وضع قانون جديد متعلق بالاستثمار حيث يعد هذا القانون بمثابة إصلاح الإطار القانوني للاستثمار، لجعله أكثر جاذبية وتحريره من كل العراقيل التي طالما عملت على كبح الاستثمار وعرقلة تنمية الاقتصاد الوطني، حيث أشار الخبير الاقتصادي الدولي البروفيسور فارس هباش، أن الجزائر قد أعطت تحفيزات كبيرة في مجال الاستثمارات المتجددة في مجال رسكلة وتدوير النفايات لما لها من أهمية بالغة في المحافظة على البيئة والاستغلال الأمثل للموارد من جهة أخرى، كما قامت ببعث مشروع السد الأخضر الذي يمتد على مساحة 3.7 مليون هكتار حيث تعمل الجزائر حاليا إلى توسيعه إلى  حدود 4.7 مليون هكتار.

مشروع تأهيل السد الأخضر

أصدر الرئيس عبد المجيد تبون في أكتوبر سنة 2020 أمر بإعادة تهيئة ” السد الأخضر” وتوسيع مساحات تشجيره، كما تم تنصيب الهيئة التنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث ” السد الأخضر” في أكتوبر سنة 2021.

وكشفت مديرة مكافحة التصحر والسد الأخضر في المديرية العامة للغابات، صليحة فرطاس في تصريحات صحفية عن غرس 26 مليون شجيرة في إطار البرنامج الأخضر لسنوات 2020- 2023، مع شروع وزارة الداخلية في تحقيق يتم من خلاله جرد جميع الأراضي غير المستغلة الواقعة ضمن محيط السد الأخضر، وذلك في إطار تثمين جميع مساحات السد الأخضر ومنها الأراضي التابعة للخواص، وأضافت أن السد الأخضر الذي يمتد على مساحة 4.7 مليون هكتار موزعة على 13 ولاية، يتكون من 63 من المئة من المساحات الرعوية بمساحة تفوق 2.33 مليون هكتار من العلف، موضحة أن المساحة الفلاحية قدرت ب768 ألفاً و591 هكتاراً، أي ما يعادل 16 من المئة من المساحة الإجمالية لهذا الإنجاز الغابي، مشيرتا أن وزارة الفلاحة خصصت غلافا ماليا يفوق 10 ملايير دج للسنة الأولى من تجسيد مشروع إعادة تأهيل السد الأخضر الذي سيلعب دورا هاما للحد من الاحتباس الحراري على مدار سبع سنوات القادمة

كما أكدت عرباوي المكلفة بالسد الأخضر بالمديرية العامة للغابات لـ  “الغد الجزائري” عن أهم محاسن ” الحزام الأخضر ” تشير على  أنه ” يدخل ضمن إلتزامات الجزائر الدولية خاصة ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة ” والتي تنص على تهيئة المساحات الغابية المتدهورة، وكذا مجابهة الجفاف الذي بات مشكلا يِؤرق معظم العاملين في القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى التزامها مع ” اتفاقية مكافحة التصحر” للأمم المتحدة  التي تنص على مكافحة الزوابع الرملية والغبارية  المهددة للاستقرار الفلاحي، كذلك العمل على مكافحة تدهور الأراضي وتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي ووقف تدهور الأراضي التي تؤثر تأثيرا مباشرا على صحة الطقس بتخفيض انبعاثات الغازات المؤثرة على الاحتباس الحراري .

الهيدروجين الأخضر 

خطت  الجزائر أولى خطواتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يعتبر ” صديقا للبيئة ” حيث تهدف من خلاله إلى القيام بشراكات اقتصادية في هذا المجال، حيث أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال إشرافه على المنتدى الاقتصادي الجزائري البرتغالي سابقا، أن الجزائر انطلقت في إنتاج الهيدروجين الأخضر وأنها ستعرض على الجانب الأوروبي شراكة اقتصادية في هذا المجال مستقبلا، يأتي هذا ضمن برنامج تطوير قطاع الطاقات المتجددة، أين ستقوم بعرض منتجاتها على الدول الأوروبية في إطار ” شراكة اقتصادية مستقبلية”.

تدوير وإعادة رسكلة النفايات

وضعت الجزائر خطط وإستراتيجيات متكاملة لإدارة النفايات الصلبة باعتبارها وسائل تطوير الاقتصاد من خلال عملية تثمين النفايات وحسب الباحث البيئي والأكاديمي الدكتور سلامي براهيم أنه تم التركيز في بداية الأمر على إزالة المفرغات العشوائية التي فاقت سنة 2013 على المستوى الوطني 3000 مفرغة، واستبدالها بمراكز للردم التقني لتنظيف المدن، حيث تم إنجاز 112 مركز للردم التقني من بينها 65 مركز دخل حيز الخدمة، قام قطاع البيئة بتسطير إستراتيجية وطنية في مجال التسيير المدمج للنفايات لأفاق 2035  التي تهدف إلى تعزيز مجالات تدوير النفايات من خلال الوصول إلى تثمين 30 بالمائة من النفايات المنزلية، 30 بالمائة من النفايات الخاصة و50 بالمائة من النفايات الهامدة، مضيفا أن قطاع البيئة يعمل على توجيه المستثمرين للاستثمار في تدوير النفايات وكذلك حث على تشجيع وتعميم الفرز الانتقائي قصد توفير المادة الأولية للمتعاملين الاقتصاديين في مجال تسيير النفايات، كما قام قطاع البيئة من خلال الصندوق الوطني للبيئة والساحل بتسخير غلاف مالي  قصد تجهيز مراكز الردم التقني بمحطات للفرز ومحطات خاصة بالتسميد.

روبورتاج: رابح شيحة