رحابي: الجزائر قادرة على مجابهة الضغوط الفرنسية

أكد الوزير السابق عبد العزيز رحابي أن الجزائر قادرة على مجابهة الضغوط الفرنسية، واعتبر أن المواقف التي يُبديها اليمين الفرنسي تجاه الجزائر والتركيز السياسي على الجالية الجزائرية، ليس بالأمر الجديد.
أوضح رحابي، في ندوة متبوعة بنقاش احتضنتها المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بمقرها الوطني بالعاصمة، سهرة أول أمس، أن تركيز فرنسا على ملف الهجرة والجالية الجزائرية لم يتغير منذ 1962، مشيرا إلى أنه طيلة مرحلة حكم اليمين لغاية 1981 كانت كلها أزمات.
أضاف الدبلوماسي السابق أن ملف الهجرة الجزائرية إلى فرنسا جرى تسييسه وتحوّل إلى ورقة انتخابية لاستقطاب أصوات الناخبين، متوقعاً أن هذا الوضع سيستمر لغاية الانتخابات الرئاسية المقبلة.
فالرئيس الفرنسي الحالي -حسب تصوّره- لم يعد سلطة تأثير على الطبقة السياسية، موضحا أن نقطة التحول في هذا الملف، هي إدراك النخب السياسية من تيارات اليمين والوسط، بأن ملف الهجرة يمكن أن يوصلها للسلطة، مؤكدا بأن “مشكلتنا مع اليمين وليس مع فرنسا”.
وتوقّف رحابي عند الطريقة التي تُدير بها السلطات الفرنسية أزمة الهجرة مع الجزائر، مُسجلا غياب الدبلوماسية الفرنسية مقابل حضور الإداريين.
واعتبر أن منح بلد مهلة لبلد آخر والتلويح بإجراءات انتقامية، لا يحدث إلا في الحروب، في تعليق على ما صدر عن الوزير الأول الفرنسي فرانسوا بايرو، إمهال الجزائر ستة أسابيع وإلا ستكون تحت طائلة عقوبات إضافية.
وقال رحابي إن الجزائر التي تعيش في فضاء جيوسياسي مضطرب ومرت بعمليات انتقال سياسي عنيفة باستثناء فترة الحراك الشعبي، اكتسبت قدرة على تحمّل ومواجهة الضغط.
وأضاف “فرنسا لا تملك أوراق ضغط على بلد مثل الجزائر يملك اكتفاء ذاتيا”، معتبرا التلويح بورقة الممتلكات أو ملف جوازات السفر الدبلوماسية لا يغيّر المعادلة، وأن مخاوفه من أن تجرّ فرنسا أوروبا معها في خلافها مع الجزائر، تبددت بسبب حسابات المصالح بين الدول الأوروبية.
وعلّق رحابي على إعلان السلطات الفرنسية إرسال قائمة بأسماء أشخاص ذوي أولوية، بأنه يتوقع رفض معاملة الرعايا الجزائريين بهذه الطريقة، وأن القناصل الجزائريين “لن يرضخوا للضغط المسلّط عليهم من قبل السلطات الفرنسية لتسليم تراخيص المرور القنصلية، لأن مهمتهم حماية هؤلاء الرعايا وليس طاعة وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو”.
واستطرد “لن تُرخص السلطات الجزائرية بدخول أي رعية مُبعد لا يحمل أي وثيقة هوية جزائرية أصلية”.
كما لفت إلى أنه منذ ثمانينات القرن الماضي كانت التوجيهات المقدمة للبعثات القنصلية، هي الحرص على استنفاذ الأشخاص الصادرة في حقهم أوامر الإبعاد القضائي، إجراءات الطعن المتاحة “الإدارية والقضائية” قبل الموافقة على ترحيلهم.

ويرى رحابي أن الأزمة الحالية “لا تعتبر الأخطر في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ 1962”.
وأوضح “برأيي فإن أسوأ مرحلة مرّت بها العلاقات الثنائية هي فترة صدور قانون تأميم المحروقات في 1971 -فرضت فرنسا حصارا على الجزائر- ثم أزمة السبعينات التي شهدت استهداف المصالح الجزائرية بمرسيليا وسقط فيها قتلى وجرحى، ثم طلب الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان في مطلع الثمانينات، ترحيل 30 ألف جزائري مُقيم نظاميا، وهو قرار أحدث ارتباكا لدى السلطات الجزائرية لصعوبة استقبال هذا العدد من الرعايا وعائلاتهم في وقت واحد”.
كما استحضر أيضا الأزمة التي ترتّبت على رفض الرئيس الفرنسي جاك شيراك لقاء الرئيس اليمين زروال على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في حضور وسائل الإعلام “رفض الجانب الجزائري الشرط الفرنسي وألغى المقابلة”، مُنبّها إلى أن الفرق بين الأزمة الحالية وسابقاتها هو التغطية الإعلامية الكبيرة المُخصصة لها.
لم يستبعد رحابي بلوغ العلاقات بين الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة، مبيّنا أن استمرار هذا التصعيد لا يساعد لا على تعيين سفير جديد للجزائر لدى باريس، ولا المبادرة بالإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال.