عطاف.. خرافة الحكم الذاتي لن تؤسس لأي حل وما يجمعنا بدول الساحل لن تهزه المناورات

الغد الجزائري- أكد وزير الخارجية أحمد عطاف، عزم الجزائر على تعزيزِ دورِها الدبلوماسي الإيجابي والبَنَّاء على الساحة الدولية، وكذا في مختلف فضاءات انتمائها العربية، الإفريقية، والمتوسطية، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية تظل المحور والبوصلة، ولن تمل ولن تكل الدولة الجزائرية في دعوة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوصها حتى يتم إنصاف الشعب الفلسطيني وتتحمل الهيئتان مسؤوليتهما بالكامل بلجم الاحتلال ومحاسبته، كما أكد أن قرار المحكمة الأوروبية بخصوص الصحراء الغربية، نسف خمسة عقود من المحاولات اليائسة لطمس ثوابت القضية بهدف تكريسِ الأمرِ الواقعِ الاستعماري، كما أن خرافة الحكم الذاتي لن تؤسس لأي حل، كما تطرق للعلاقات الجزائرية مع دول الساحل الإفريقي، بالقول إن الجزائر لن تكون إلا عونا لجيرانها، كما أوضح أن مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي هدفه الامتثال لمبدأ توازن مصالح الطرفين.
تطرف مسؤول الدبلوماسية الجزائرية في كلمته بمناسبة إحياء يوم الدبلوماسية، أمس الثلاثاء، للعديد من القضايا التي تهم الجزائر وتشهدها الساحة الإقليمية والدولية، مذكرا أن اقتران يومِ الدبلوماسية الجزائرية بيومِ انضمامِ الجزائر لمنظمة الأمم المتحدة، لم يكن من قبيل الصُدْفَة، بل هو نِتَاجُ العلاقة المتميزة والمتفردة بين الجزائر ومنظمة الأمم المتحدة، وقال عطاف إن العلاقةٌ “بُعِثَتْ من روح نوفمبر الخالدة التي جعلت من القضية الجزائرية أَوَّلَ قضيةِ تصفيةِ استعمارٍ يتم إدراجُها على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلاقةٌ تَجَلَّتْ فيما قدَّمتهُ الثورةُ الجزائرية من إسهاماتٍ لتكريس حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها”.
وفي تفصيله للوضع الدولي، جدد وزير الخارجية، أن “عالمَنا اليوم أحوجُ ما يكون للاهتداء والاسْتِرْشَادِ بمنظومة القيم والمبادئ هذه، سيما في ظل ما صار يسوم العلاقاتِ الدولية من تأزمٍ مُتعدد الأوجه والأبعاد”.
فأمام تراجع العمل الدولي متعدد الأطراف –يقول الوزير- “برزَت النزعةُ الأحادية، وترسَّخ الانطواءُ على الذات، وَتَغَلَّبَت الأنانيات، كخيارٍ لحماية المصالح الضيقة والدَّفْعِ بالأولويات الآنية”.
وأشار عطاف إلى أن حربُ الإبادةِ المفروضةُ على الشعب الفلسطيني في غزة أغلقت بالأمس عامَها الأول بالتمام والكمال، والمجتمعُ الدولي المُتعاطفُ في غالِبِيَّته العُظمى مع الشعب الفلسطيني لا يجد سبيلاً لإنصاف هذا الشعب المظلوم، وهذا الشعب المقهور، وهذا الشعب المُستضعف، مضيفا أن “ما كان لوضعٍ كهذا إلا أن يُكرسَ وَيُجَذِّرَ اللامساءلة، اللامحاسبة واللامعاقبة التي استباح بها الاحتلال الاسرائيلي لصالحه كُلَّ ما هو مُجَرّمٌ وَمُحَرَّمٌ ومُعاقبٌ عليه بالنسبة للآخرين كُلهم”، مؤكدا أن الجزائر ستبقى “تطالب بعقدِ الاجتماع تلو الاجتماع، واتخاذِ المبادرة تلو المبادرة، وطرحِ الفكرة تلو الفكرة، لأنه لا مَناصَ من اضطلاع مجلس الأمن، وكذا الجمعية العامة، بالمسؤولية الملقاة على عاتقهما تجاه الشعب الفلـسطيني”.
وبخصوص القضية الصحراوية، وبنبرة الارتياح بعد إنصاف الحق والانتصار على الأوهام التي لم يفوت نظام “المخزن” أية مناسبة ومقام للترويج لها، قال الوزير عطاف إنه “ومنذ أربعة أيام فقط، انتصرت أعلى هيئة قضائية أوروبية للشعب الصحراوي، ونسفت بما تبنّته من قرارات، خمسة عقود من المحاولات اليائسة لطمس ثوابت هذه القضية بهدف تكريسِ الأمرِ الواقعِ الاستـعماري”.
وحدد الرجل، مرة أخرى، المسطرة التاريخية الحقيقة التي ترفض الرباط العمل بها، مفضلة رؤية ملكية استيطانية للمسألة، ليقول في الشأن ذاته “القضية الصحراوية تبقى قضية تصفية استعمار، والشعب الصحراوي يبقى مؤهلا لممارسة حقّه غير القابل للتصرف أو التقادم وخرافة الحكم الذاتي لا يمكن أن تؤسّس لأي حلّ، كونها تتنافى وحقّ تقريرِ المصير”.
وفي سياق مغاير، كشف عطاف عن تواصل واستمرار مساعي وجهود الجزائر الرامية لإقامة شراكة متوازنة ونافعة وهادفة في جوارها المتوسطي، ومع الإتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، وأردف “هذه الشراكة نريدها أن تمتثل تمام الامتثال لمبدأ توازن مصالح الطرفين وأن تتجاوز منطق الربحِ التجاري الفوري”، مجددا تطلع الجزائر إلى الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة الذي يجمعها مع الاتحاد الأوروبي، في جوٍ من الثقة، السلاسة والتفاهم.
عن الوضع في الساحل الإفريقي، وبلهجة لا تتحمل الارتباط أو التلعثم، أكد عطاف “ما يجمع الجزائر بدول وشعوب جوارها الساحلي من روابط متجذرة أقوى من أن يتأثر أو يهتز بالمُناورات المكشوفة والألاعيب المفضوحة” ليضيف في السياق ذاته ” لن تكون الجزائر إلا عونا لجيرانها في هذا الفضاء الافريقي، ومن يحاول تعكير الأجواء وبث السم بين الاشقاء نقول له أن ما يربط الجزائر بجوارها أقوى من مخططاتكم.”
تعليقات 0