فرنسا.. أنقذوا منصب روتايو
المكلف بـ "أمن الفرنسيين" يهدد بالاستقالة في حال مواصلة تليين الموقف مع الجزائر

ارتفع ضغط وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو والرجل ينتابه الشعور أنه الحريص الوحيد على “حماية الفرنسيين من المهاجرين غير النظاميين الجزائريين بفرنسا”، لينقل أساليب التهديد والمساومة التي يخاطب بها الجزائر إلى الإليزي، حيث كشف عن تسليم قائمة تضم اسم 60 مهاجرا غير شرعيا جزائريا وصفهم بـ “الخطيرين”، وفي حال رفض الجزائر استقبالهم ولم ترد حكومة بلاده بالتصعيد سيرمي المنشفة، مقرا أنه في مهمة بما يمليه منصبه وغير مستعد للتنازل عن أهدافه، وسيكون الانسحاب خياره في حال إصرار “الإليزي” على التهدئة أمام استمرار رفض استقبال المعنيين الجزائريين بعلميات الترحيل التي ينوي روتايو تنفيذها.
لوّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بالاستقالة في حال لينت باريس موقفها حيال الجزائر لكي توافق على استقبال رعاياها الموجودين بفرنسا بصورة غير نظامية، وقال المسؤول على مبنر ساحة “بوفو” في حوار مع يومية “لوباريزيان” إنه سيواصل العمل بزخم كبير “طالما لدي قناعة بأنني مفيد وبأن لدي الوسائل”، إلا أنه لجأ للمساومة لعله يصنع قوة يواجه بها التريث والهدوء الذي تعالج بهما أطراف في الحكومة والإليزي الأمور – على غرار وديز الخارجية جون نويال بارو والرئيس ماكرون- ليضيف في السياق ذاته “خط التصعيد الذي أُقوده اتجاه الجزائر غير قابل للتفاوض وإذا طلب مني التخفيف في الأمر من قبل حكومة بلادي فأنا مستقيل من منصبي”.
وفي صورة الغيور على سلامة التراب الفرنسي الذي يبدو أنه مهدد بسبب التواجد الجزائري فقط، أوضح قائلا “لست هنا من أجل منصب ولكن لإنجاز مهمة، هي حماية الفرنسيين”.
وكشف عن تسليم قائمة تضم اسم 60 مهاجرا غير شرعيا جزائريا وصفهم بـ “الخطيرين” وأضاف “إن رفضت الجزائر استقبالهم ولم يتم تبني تصعيد الاجراءات ضدها فسأقدم استقالتي”.
وتضاف قائمة الـ 100 جزائري المراد إبعادهم وترحيلهم إلى قائمة أخرى تضم 700 آخرين كان أعلن عنهم وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الأربعاء الماضي، وقال إنهم “موجودون في الحجز الإداري” وتطالب السلطات الفرنسية الجزائر بقبول ترحيلهم واستصدار وثائق سفر لهم.
يستيقظ وينام روتايو على أمل أن تخضع الجزائر لمزاج اليمين المتطرف وتضع مواقفها السيادية الثابتة جانبا لعل الرجل يصنع انتصارا لأن “النظام الجزائري لا يحترم فرنسا” -كما يردد أمام الإعلاميين- وتارة بضرورة انتهاج “قبضة حديدية” ولا أمن في فرنسا إن لم يتمكن روتايو من “تهذيب” هذه الجزائر التي “تهين” بلاده حينا، و”لا تلتزم بالاتفاقيات الثنائية” حينا آخر.
والملاحظ أن الانحدار الذي يطبع لغة ونبرة وزير الداخلية، يظهر بدرجة أقل، على خطاب زميليه رئيس الحكومة، فرانسوا بايرو، ووزير الخارجية، جون ميشال بارو -رغم أن الثنائي لم يرهنا منصبيهما- وصار بمثابة قالب أو قاعدة لكل خرجاتهم، والاستثناء هو اللباقة والدبلوماسية وواجب التحفظ الذي لا يلتزم بهم روتايو.
وكانت يومية “لوفيغارو” قد تحدث عن لقاء جمع الرئيس ماكرون بوزير الداخلية، دون أن الكشف عن ما أسفر عنه، لكن الظاهر أن التباين في الرؤى وطرق التعامل مع الجزائر حقيقة لكن إلى متى؟ أو أن الإليزي سيمنح الأولوية للدبلوماسية ولو على حساب منصب روتايو.
تتوالى التصريحات والجزائر تتريث فيما لا يزال منحى الأزمة في تصاعد، وهذا يُظهر أن الجزائر وباريس لم تقتنعا بعد بأن الوقت مناسب لبحث ترتيبات التسوية، وكل طرف يعتبر أنه مازال يملك أوراق ضغط، بين فرنسا روتايو التي تستمر في طرح المزيد من قوائم المرحّلين، والجزائر التي حددت شروط الاستقبال بوضوح، ورغم أن في مثل هذه الأزمات تكون هناك قنوات اتصال خلفية، ومساهمات من شخصيات من خارج الإطار الرسمي للبحث عن مخارج، إلا أن الغموض سية الموقف حاليا، وكان الرئيس تبون واضحاً في تصريحاته حين اعتبر أن الأمر بيد الرئيس الفرنسي الذي عليه أن يتخذ المطلوب لوقف السياسات اليمينية وتغيير الخطاب تجاه الجزائر، قائلا إن الجمهورية بالنسبة لي هي الرئيس”. وبقي روتايو أو رحل، لا تخاطب الجزائر إلا الرئيس.
تعليقات 0