ركام غزة..سلام وآلام
وقف وشيك لإطلاق النار مدته 42 يوما بعد 467 يوم من الدمار والقتل

هل تشرق الشمس على قطاع غزة قريبا والجميع يتحدث عن وقف لإطلاق النار وصفقة تبادل للأسرى، بعد 467 يوم من الجحيم، أتى اللهيب فيها على البشر، والبحر والحجر؟؟ وبين تحليلات الساسة عن شرق أوسط جديد، ومصالح هناك وهناك، بقي سكان القطاع المكلوم يعدون قوافل الشهداء ويصارعون ما بقي أو ما يشبه لحياة في ثلاثية فرضها الاحتلال عليهم “جوع.. نزوح.. استشهاد”.. بين خيار مر وآخر تم اختزال الواقع وسط العجز والخذلان.. يتحدثون عن وقف وشيك لإطلاق النار بغزة، وأي غد ينتظر أهلها يا ترى!
نقلت مصادر إعلامية عن صفقة وشيكة لإطلاق الأسرى الصهاينة لدى “حماس” لعلها تنهي حرب طال أمدها، رغم أن المصادر تحدثت عن وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما، وقالت قنوات عبرية إن الاتفاق يتعلق في مرحلة أولى بإطلاق سراح حوالي 1000 معتقل فلسطيني، دون أن يتم إطلاق سراح أسرى النخبة من حركة المقاومة الفلسطينية فيها، فيما
تتضمن زيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى 600 شاحنة يوميا، ومن جهة أخرى ينسحب جيش الاحتلال من محور “نيتساريم” حسب مضمون الصفقة. انسحاب معظم قوات الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا وبقاء قوة صغيرة، واعتبارا من اليوم الـ 22 من بدء تنفيذ الاتفاق سيتمكن سكان غزة من العودة إلى شمال القطاع. وفي البدء كانت العودة بل أن بيت القضية في كل القضية الفلسطينية هي العودة.. ابن غزة فقد البيت وسكن الخيمة وحتى الأخيرة لم ترحم.. أبن غزة يريد أرضع وإن تحول المنزل إلى ركام وذكريات وأوجاع وجروح.. كل إعراب للأفعال بصيغة الماضي في الحديث عن سقف، وشرفة ونافذة البيت.. كل الأفعال في الماضي.. الماضي الثقيل والاحمر والموجع الذي لا يمحو من جبين الإنسانية صور الدمار والقصف ونسف الأحياء السكنية.
مضى العام الجديد وغابت التهاني، كيف لا وهو يحل كما حل سابقه بألحان الشجن وسيمفونية المقابر.. حل عيد الأم، فوجد قلوب الأمهات الفلسطينيات تنزف من وجع الفراق والمحن والتشريد.. تذكرن فقط الأمهات الذين استشهدوا جراء العدوان الصهيوني، وكيف انتزعت منهن أحلام الأمومة ليحط عبء الحزن ثقيلا على أكتافهن.
مع كل زهرة يتم تقديمها، يقدم طفل غزاوي الفاتحة عن روح أمه الشهيدة، ويجلس آخر قرب أمه الجريحة يهمس لها بأحلى الأماني والدعوات.. العالم عالمين منذ أن اتخذ قرار إبادة غزة.. عالم يتجاهل ويحتفل وبؤرة صغيرة في الأرض تئن ولا أحد يسمع أنينها.
لا داعي لذكر الصور التي يليق للتاريخ والذاكرة الاحتفاظ بها.. أرادها نتانياهو حربا جنونية، فأتت علي الأخضر واليابس وكانت الأهداف مدنية.. كانت الأهداف أطفال ونساء.. وكان لا بد من هدوء يرافق عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض وسيكون له ذلك.. الكيان الصهيوني قبل بصفقة تبادل أسرى بنفس المضامين التي رفضها شهر ماي الماضي..
صواريخ الاحتلال قتلت طيلة 467 يوم.. قتلت الأحلام، شنقت الآمال، وسحقت أمنيات شعب بحقد المعتدي، الذي قصف المستشفيات، ودمر المدارس وهدم المساجد والكنائس ودور العبادة لأتفه مبنى في تأكيد على انتمائه للإرهاب الذي لا يميز بين عقيدة ولا ملة ولا جنس ولا لون، إلا أن الغرب اقتنع أنه “جيش أخلاقي يدافع عن نفسه”، وبذريعة “الدفاع عن النفس” تم نسف غزة. وفي غزة كتب التاريخ طيلة 467 يوم من الحرب شهداء جدد، وحكايات أكثر ألماً، هي في حقيقتها الوجع للضمير الإنساني.
تعليقات 0