مات ضمير العالم يوم قرر الصهاينة إبادة غزة
الغد الجزائري- الخبر جاء عاجلا -وللكثيرين في هذا العالم المنشغلين باحتفالات نهاية العام وحلول آخر- عاديا.. جاء وقال أهل غزة -أو بالأحرى الناجين منهم لغاية الساعة- “سلام على عروبة الجبن والخذلان.. سلام على التبعية… والإذلال”.. أحرق الاحتلال مستشفى “كمال عدوان”.. المسعف الوحيد الذي ظل يضمن خدماته محاطا بالمسيرات، والدبابات، وكل شيء فيه مستهدف من بشر وعتاد لشهور طويلة..
نعم ارتقى المستشفى شهيدا …نعم في غزة حتى المستشفيات ترتقي وهي التي أدت الواجب في زمن عجز الجار، وأمة المليار والكون الذي يتباهى بالإنسانية وحقوق الإنسان.. أحرقوا مستشفى ولم يتحرك أحد…تماما كما تفرجوا على دنيس “بن غفير” وقطيع المستوطنين باحات الأقصى.. تماما كما سكتوا عن قتل الأطفال وترصد الخيم ونسف البيوت وقطع الكهرباء وموت النازحين بالبرد بدل “الأباتشي” وكل ما زودت به أمريكا الكيان من سلاح ومر عبر بحر وبر دول التطبيع دون أن يؤنبها الضمير..
الخبر عادي والعرب طيلة عام ونصف يصدرون بيانات تذكر بموشحات عصر العباسيين، لا يسمع بها السفاح في غزة ولا تغير من واقع القطاع المكلوم سوى في ارتفاع عدد الشهداء.. وتم سد كل المعابر سوى معبر الموت والاستشهاد… اجتمع الحزن والخزي بعد أن أظهرت غزة حقيقة الدول.. عرب وغرب لا يختلفان وطعنة القريب سم يتغلغل للعظام.. طعن تلك الأجساد التي بات “يتسلى” بها جنود الاحتلال والعرب صامتون وكأن أصحابها ليسوا منهم.. من نفس الدين والأمة ذاتها، والغرب – وإن يصدق البعض مساعي جزء منه- لا يريد تضييع فرصة الإبادة المتاحة لنتانياهو بأريحية.. فهل اتفق الغرب وبعض العرب ويصرون على قتل ومحو غزة؟؟؟
بين من يعتقد أن حياة أهل غزة “وسيلة ضغط” في زمن وصل الحد للبحث عن أكفان للشهداء -وحدث مباشرة بعد حرق مستشفى “كمال عدوان”- والتباكي على غزة دون الإدراك بوجعها الحقيقي، تمر الأيام والعام الجديد سيجد القطاع الفلسطيني قد عاد عقودا إلى الوراء.. عاد ونقولها بخجل -إن بقي ما نخجل به بسبب العجز والاكتفاء بالتفرج-.. هناك بشر يبيتون في خيمة.. يجلسون على ركام.. هناك لا طعام ولا شراب ولا دواء.. لا مدرسة.. لا مسجد.. لا حمام.. لا سوق.. هناك يموت البشر قصفا.. بردا وألما..
غزة لا تحدثها عن الصمود.. هي الحرب وفيها حين يشاء أحدهم أن يعمل حطابا لعلع يدفئ المحيط في ليالي البرد القارس يقصفون الأشجار.. هناك قصفوا صحفيا انتظر مولوده الجديد أمام باب المستشفى …استهدفوا الإعلام أو ذلك الإيمان بالحياة رغم كل صور الموت.. لا تسأل.. هي غزة التي ليست مجبرة أن ترد على سؤالك.. في الحرب تتذكر نعما تمتعت بها في الماضي لكن جحيم غزة لم يكن خيارا.. لقد جهزوا أنفسهم لدخول اجتماعي.. لموسم دراسي.. لتعاقب الفضول.. لعرس …لعيد ميلاد.. لصيد السمك.. للحج والعمرة.. جهّزوا أنفسهم لكل شيء إلا لطوابير الموت أو مسالك التهجير والنزوح.. باتوا يتلفقون فرص النجاة..
كم من خبر محزن ومخزي في قرن الذكاء الاصطناعي استقبله هذا العالم بصفة عادية.. الناس ترتقي وتموت بعد ان تجمدت من البرد القارس.. يوميات بحث عن طحين ورغيف.. والجهة الأخرى من العالم لا تهتم.. لا تتابع.. لا تتأثر.. لا تشعر…لا تنتبه.. لا عصا موسى.. لا مائدة العشاء لعيسى ولا خيط العنكبوت الذي نجا محمد.. كل الأنباء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام من أرض فلسطين ولا أحد من خلق الله اليوم بقي وفيا لأخلاق وسيرة هؤلاء ويسارع لإنقاذ فلسطينيي غزة.. مات ضمير العالم وولد الخذلان يوم قرر الصهاينة إبادة غزة..
تعليقات 0