“مخطط القطيعة”.. روتايو يهين فرنسا
اقترح مقاضاة الجزائر دوليا وتعليق نشاط وكالاتها البحرية والجوية بباريس

بات معلوم لدى العام والخاص ما يكنه وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، من ضغينة وعداء للجزائر، ولا تبرير أو ذريعة يجدهما لتمرير مختلف استفزازاته، ليتم الكشف أمس الأحد، عن مخطط قذر -بحجم عقيدة التيار اليميني المتطرف الذي يمثله- وقد تضمنته وثيقة سرية حملها المعني لعرضها واعتمادها في اجتماع اللجنة الوزارية حول الهجرة برئاسة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، الأربعاء الماضي، حيث رفع مسؤول الشأن الداخلي الفرنسي سقف تطلعاته لتجسيد القطيعة عاليا، حيث اقترح استدعاء جميع القناصل الجزائريين بفرنسا من طرف وزارتي الخارجية والخارجية وإعلامهم بقرار فتح نزاع دولي مع الجزائر بسبب عدم الالتزام باستعادة الرعايا المهددين بالترحيل -وفقا لاتفاق عام 1994- إلى جانب تعليق نشاط جميع وكالات النقل البحري والجوي الجزائرية على التراب الفرنسي.
كشفت يومية “لاتريبون دو ديمونش” الفرنسية، في عددها الصادر أمس الأحد، بالدليل، ما تخفيه التصريحات التي بات يطلقها وزير الداخلية برونو روتايو كلما تعلق الأمر بالجزائر، وتمكن المنبر الإعلامي من تسريب وثيقة من 3 صفحات من مصالح المسؤول الفرنسي، والتي كان قد حضرها خصيصا لاجتماع اللجنة الوزارية حول الهجرة المنعقد، الأربعاء الماضي، برئاسة الوزير الأول فرانسوا بايرو، ودون استغراب أو دهشة، تضمنت تفاصيل الطموح الذي ينوي المعني تحقيقه -والذي بات يمثل به قطب المتطرفين في الجهاز التنفيذي، لعل الجزائر تخضع وفقها لضغوطه -رغم خرجة ماكرون الأخيرة لكبح إصراره-
تحمل الوثيقة -وفق المصدر ذاته عنوان ” الأزمة السياسة مع الجزائر: ضرورة انتهاج القبضة الحديدية”، ووفق قراءة “لاتريبون”، فإن روتايو ” سلط الضوء على تدهور العلاقات الفرنسية-الجزائرية على المستويات الدبلوماسية، الأمنية والهجرة”، لتصف الصفحات الثلاث المكونة للوثيقة السرية المسربة بـ “عقيدة روتايو”
وفي التفاصيل، يقترح وزير الداخلية الفرنسي ذات الميول المتطرفة استدعاء وزارة الخارجية ومصالحه حوالي 20 قنصلا جزائريا بفرنسا لتذكيرهم بشروط اتفاق 1994 بين البلدين بشأن إعادة الرعايا دون وثائق إقامة، وفتح دعوى قضائية دولية بشأن ما يوصف بـ “انتهاك الجزائر لالتزاماتها”. وأوصت الوثيقة بتعليق كامل لنشاط وكالات النقل البحري والجوي الجزائرية على التراب الفرنسي، إضافة إلى إلغاء اتفاقية لسنة 1968.
واتهم روتايو الجزائر في وثيقته باتخاذ “إجراءات انتقامية تمس حاليا جميع المصالح الفرنسية في الجزائر منذ أن قررت فرنسا دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي.” وفقه، وتحدثت الوثيقة ذاتها عن توقيف الكاتب بوعلام صنصال منتصف نوفمبر الماضي، في الجزائر، وقضايا المؤثرين الجزائريين بفرنسا، إلى جانب رفض السلطات الجزائرية استقبال أشخاص صدرت في حقهم أوامر الترحيل والإبعاد.
وحسب روتايو، منذ رفض استقبال المؤثر “دولمان” في 9 جانفي الماضي، رفض الجزائر استقبال العشرات من المرحلين، سواء في المطارات الفرنسية لدى محاولة نقبل عبر الجوية الجزائرية، أو تمت إعادتهم من المطارات الجزائرية، كما كرر في وثيقته اتهاماته للجزائر بالبحث عن “إهانة فرنسا” معتبرا أن “تغيير الموقف والتصرف” اتجاهها يجب أن يتجاوز القيود على حاملي جوازات السفر الدبلوماسية.
وقالت اليومية الفرنسية أن الوثيقة صنفتها مصالح الداخلية الفرنسية “سر الدفاع”، ما يعكس “الخطوط العريضة للنهج الصارم” الذي يريده وزير الداخلية، مضيفة أن الوثيقة تعكس “المناخ الثنائي المتدهور”، إضافة إلى خطورة ما تضمنته الوثيقة المسربة من مصالح “روتايو” والتي يليق أن تجعل المهتم والفضولي أن يصفان الرجل بالمصاب بـ “الجزائرفوبيا”، عاد وزير الداخلية في تصريحات ليومية “لوفيغارو”، أمس الأحد، بالتهديد والوعيد، ليقول ” إذا لم تحترم الجزائر التزاماتها بالاستمرار في الاستفزاز، ستتعرض لرد من طرفنا” مكررا مرة أخرى تهديده بإلغاء اتفاقية 1968.
في كل هذا، وفي ظل الفجوة والتناقض في هرم الدولة الفرنسية بين رئيس وبعض أعضاء الحكومة الذين يبعثون برسائل تهدئة تنتظر الملموس، ورئيس حكومة يجره وزير الداخلية الذي يجمع في تصرفاته صلاحيات الرئيس، ووزير الخارجية والشرطي والدركي وحراس الحدود، والعقل المدبر لقطيعة تمليها تلك الضغينة التي يحملها قلوب المنتمين والمحسوبين على تياره السياسي، تفرض الوضعية على ماكرون تأطير وزيره على المباشر عوض تهذيبه من لشبونة، والتأكيد على النهج الذي تريده فرنسا مع الجزائر في ظل انحرافات روتايو التي يتجاهل بها سيادة الدولة الجزائرية التي تسبق ضبط النفس لكن لا تريد أن يفهم وزير الداخلية الفرنسي لباقتها ضعف أو خضوع، ومهما حاول ماكرون اللعب على خط التهدئة، فإن الرجل يتصرف وكأنه صاحب كل الصلاحيات، بل وكأن تصريحات ماكرون غير موجهة له ولا تعنيه.
تعليقات 0