هل هي بداية العد التنازلي لحرب شاملة في أوروبا؟

الغد الجزائري- إن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستعمال الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف في العمق الروسي ينذر بنشوب حرب واسعة النطاق في أوروبا كلها، كما أن توقيت هذا القرار المتزامن مع نهاية ولاية الرئيس الأمريكي هو سابقة خطيرة وله تداعيات وخيمة على السلم الدولي، وسيجر أوروبا كلها إلى حرب شاملة، كما أن الأمر يعكس حجم اليأس الذي أصاب الحلف الأطلسي في تحقيق النصر على روسيا في هذه الحرب، فهذه الأخيرة تخوض حربا ليس مع أوكرانيا وحدها بل مع الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهم مجتمعين.

بغض النظر عن الأسباب غير المعلنة لتبرير قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن المنتهية ولايته، فوجود قوات كوريا الشمالية لمساندة القوات الروسية في حماية أراضيها من تغلغل المرتزقة إلى الأراضي الروسية هو ما يؤرق أكثر حلف الناتو، فالولايات المتحدة وحلفاؤها المتقنون لسياسة الكيل بمكيالين،يعتبرون أنفسهم حماة الشرعية الدولية وبالتالي فلهم كل الحق في التحالف والتدخل عسكريا متى اقتضت الحاجة للدفاع عن مصالحهم، والأمر ذاته محرّم على خصومهم باسم القانون الدولي الذي يحمي عنجهيتهم.

وهنا نتساءل عمّا إذا كان الهدف من هذا القرار المفاجئ هو إعادة بعث سيناريو حرب أفغانستان خلال ثمانيات القرن الماضي بكل ما كان لها من تداعيات على الأمن والسلم الدوليين، خاصة أنها كانت وراء ظهور ما يسمى بالإرهاب الإسلاماوي الذي لا تزال مخلفاته حاضرة إلى يومنا، هذا التحدي خاصة في العراق وسوريا وفي الساحل الأفريقي.

من جهة أخرى، يبدو الأمر وكأنه خلط للأوراق فيما يخص الأزمة الأوكرانية بالنسبة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وهو الذي وعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا فور استلامه لمهامه في شهر جانفي القادم أم هو مقامرة لضرب عصفورين بحجر واحد، أي أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته يسعى من وراء هذا القرار إلى ضرب روسيا بتأجيج الحرب أكثر وتعقيد الأمور أكثر مما هي معقدة للرئيس الجديد للولايات المتحدة. وفي كلتا الحالتين، فالخاسر الأكبر هي أوكرانيا وأوروبا، وحتى الولايات  المتحدة الأمريكية التي ستضطر للإنفاق أكثر لتسديد فواتير الحرب مع روسيا من قوت الأمريكيين.

لقد أصبحت الحرب عبئا ثقيلا على أمريكا وأوروبا وعلى شعوبهم، ومثل هكذا قرارات تعتبر ضربا من الحماقة التي لا يحمد عقباها لما لها من تداعيات على الأمن والاستقرار الدوليين.

وفي كل الأحوال فإن نتائج الحرب ستكون وخيمة وقد تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة، فإن كانت حرب أفغانستان قد عجّلت بسقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي، فحرب أوكرانيا ستعجّل حتما من سقوط الولايات المتحدة والمعسكر الغربي لأن التاريخ يعيد نفسه دائما وإن اختلفت الأدوار.

ومن هذا المنطلق فعلى الرئيسين الأمريكيين المنتهية ولايته والمنتخب تدارك الأمر لوقف مثل هذه المغامرة، فروسيا وحلفاؤها قوة لا يمكن العبث معها فهي ليست العراق أو سوريا أو حتى إيران، وجر العالم إلى حرب شاملة لا يخدم مصلحة أي طرف في هذه الحرب فهي ستدمر كل شيء ولن يبقى بعدها منتصر أو مهزوم.

لقد حان الوقت لينتفض الرأي العام الدولي وخاصة الأوروبي، لوضع حد لجنون حكامهم المنساقين وراء السياسة الأمريكية من دون حساب للعواقب، فإذا كانت مسارح الحروب السابقة بما فيهم الحربين العالميتين الأولى والثانية بعيدة عن الأراضي الأمريكية فإن الأمر مختلف هذه المرة لأن الصواريخ النووية الروسية ستطال كل نقطة على وجه الأرض.