مشروع قانون التعبئة العامة يحدد الكيفيات و10 وزارات معنية بالتنظيم
يخص انتقال البلاد من حالة سلم إلى حالة الحرب دون التطرق لظروف أخرى

يضبط مشروع القانون المتعلق بالتعبئة العامة، الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرًا، الإطار القانوني لتعزيز جُهود الدولة في دعم قدراتها الدفاعية لمواجهة أي تهديد محتمل يمسّ استقرار البلاد، أو استقلالها، أو سلامتها الترابية. وبخلاف ما كان متوقعاً، فان مسودة قانون التعبئة العامة ركزت بشكل خاص على ظروف انتقال البلاد من حالة سلم إلى حالة الحرب ووقوع خطر وشيك، دون التطرق إلى أوضاع وظروف أخرى قد تتطلب مستوى من التعبئة العامة، كوقوع كوارث طبيعية أو أوبئة على نطاق واسع تستدعي إعلان التعبئة، وتوجيه المجهود الوطني إلى مواجهة مخاطر وتداعيات قد تكون أكثر تأثيراً من الحرب.
يهدِف المشروع الجديد، الذي يضمّ 69 مادة موزعة على 7 فصول، لاستكمال المنظومة التشريعية والتنظيمية التي تحكُم هذا المجال، لا سميا بعد صدور القانون رقم 22-20 المؤرّخ في 3 محرم عام 1444 هجري، الموافق لأول غشت سنة 2022 ميلادي، والمتعلق بالاحتياط العسكري وكافة النصوص التطبيقية الخاصة به.
وترتكز التعبئة على منظومة شاملة ومتكاملة تتولى الدولة مسؤولية تنظيمها وتحضيرها وتنفيذها في الحالات المنصوص عليها في الدستور، وتتطلب علاوة على ذلك، مُشاركة القطاعين العمومي والخاص والمجتمع المدني وكل المواطنين، بهدف ضمان الفعالية في الانتقال من حالة السلم إلى حالة الحرب للقوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسّسات الوطنية وكل الاقتصاد الوطني وكذا وضع القدرات الوطنية تحت التصرف الصالح المجهود الحربي.
وورد في المادة 5 “تقرر التعبئة العامة من طرف رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها أو في حالة وقوع عدوان فعلي عليها أو يوشك أن يقع، طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور. وتنهى التعبئة العامة وفقا لنفس الأشكال”، فيما نصت المادة 6 على أنه “يحدد رئيس الجمهورية المحاور الأساسية للاستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة والتوجيهات الخاصة بها بموجب مرسوم رئاسي.”
القطاعان العام والخاص معنيان و10 وزارات في الخطوط الأمامية
بخصوص توزيع المهام، فتم تحديدها بعشر وزارات بوضوح، حيث تعطى وزارة الدفاع الوطني مسؤولية الإشراف على العملية بالكامل، وأما وزارة الخارجية فتتولى مهمة التواصل مع الجالية الجزائرية في الخارج من خلال حملات تبرز دورها في “حماية مصالح الوطن.”
تتولى وزارة الداخلية مهمة إدارة قواعد البيانات التي تشمل المواطنين والموارد المتاحة كالمركبات والمعدات. في حين تعيد وزارة الصناعة تنظيم الإنتاج لتلبية متطلبات الجيش. وزارة النقل مسؤولة عن تحسين حركة النقل البرية والجوية للاستجابة لاحتياجات الجيش. بينما تعمل وزارة الأشغال العمومية على بناء الملاجئ الوقائية وصيانة البنية التحتية المهمة.
من جانب آخر، تقوم وزارة الصحة بتجهيز المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة للتعامل مع الإصابات المحتملة. فيما تضمن وزارتا الطاقة والفلاحة استمرار تدفق الموارد الأساسية مثل الوقود والمياه والمواد الغذائية. تلعب وزارة الاتصال دورًا محوريًا في تكثيف الحملات الإعلامية لتحفيز المواطنين ورفع معنوياتهم. بينما تركز وزارة الشؤون الدينية على دعم الخطاب الوطني والديني لتعزيز التماسك الاجتماعي.
يمكّن القانون وزارة الدفاع من صلاحيات استثنائية. منها “التسخير المؤقت” للأفراد ذوي المهارات مثل المهندسين والأطباء والممتلكات الخاصة أو العامة للاستخدامات العسكرية حصراً. مع ضمان تعويض مالي عادل لأصحابها وفق نظام محدد. ويحمِل مشروع القانون القطاع الخاص، بالتعاون مع القطاع العمومي والمُجتمع المدني وكافة المواطنين، عدّة أدوار في ضمان الانتقال السلس من حالة السلم إلى حالة الحرب، سواء بالنسبة للقوات المسلحة أو أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية ومختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، مع وضع القدرات الوطنية تحت تصرف المجهود الحربي. ونصّ المشروع على إنشاء آلية داخل الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، تتكفل بالنشاطات المرتبطة بالتعبئة العامة ومتابعة تنفيذها.
ويتمّ إعداد مخططات خاصة من طرف كل وزارة في مجال اختصاصها، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، ليُعرض لاحقا على رئيس الجمهورية للمصادقة عليه من طرف وزير الدفاع الوطني، كما حرِص المشرُوع على التأكيد على استمرار أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية، والقطاعين العمومي والخاص في أداء مهامهم العادية خلال تنفيذ التعبئة العامة، مع منح أولوية للأنشطة ذات الصلة باحتياجات القوات المسلحة.
من جهة أخرى يترتّب عن ذلك انتقال القوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب، مع تعليق إنهاء الخدمة بصفة نهائية للمستخدمين العسكريين، وإعادة استدعاء عسكريي الاحتياط، إلى جانب اتخاذ الوزارات المعنية التدابير والإجراءات اللازمة، كما يتمّ تعليق الإحالة على التقاعد للمُوظّفين والعمال الذين يشغلون مناصب حيوية مرتبطة باحتياجات التعبئة العامة.
حظر تصدير المواد الاستراتيجية خلال فترة العتبئة
في حالة التعبئة العامة، يمنع تصدير المواد والمنتجات الاستهلاكية المرتبطة باحتياجات القوات المسلحة إلا بترخيص، حيث نصت المادة 49 “في حالة التعبئة العامة، يمنع كل تصدير لمنتجات أو المواد استهلاكية لها صلة باحتياجات القوات المسلحة، إلا بترخيص صريح من السلطات العمومية”، كما أوجب المشروع الالتزام الكامل بالتدابير التي تتخذها السلطات المختصة، مع منع نشر أو تداول أية معلومات عبر وسائل الإعلام أو التكنولوجيات الحديثة قد تضر بسير التعبئة العامة أو تُؤثّر على تنفيذها، وورد في المادة
41 من مشروع القانون “يسهر الوزير المكلف بالاتصال بالتنسيق مع وزير الدفاع الوطني، على تنفيذ النشاطات الإعلامية المتعلقة بتنفيذ التعبئة العامة وإيصال وبث ونشر المعلومة للرأي العام وللمواطنين حول التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية.”
وتتيح المادة الـ 38 من مسودة القانون لوزير الداخلية “أن يتخذ إجراء إبعاد، دون آجال، كل رعية، لا سيما من الدولة أو الدول المعادية، مقيم في الإقليم الجزائري، متى كان بقاؤه يشكل تهديداً لأمن البلاد”، كما يفرض على كل مواطن جزائري “تبليغ السلطات العمومية المختصة عن كل رعية من الدولة أو الدول المعادية يوجد بالإقليم الجزائري، وعن جميع الأفعال والأعمال التي يمكن أن تعوق تنفيذ عملية التعبئة العامة”.
وأرفقت الأحكام بجانب عقابي لضمان نفاذ القانون والالتزام به عبر جملة من العقوبات المشددة لضمان تنفيذ أحكامه بدقة وحزم، مع التأكيد على أن هذه العقوبات لا تخل بما قد ينص عليه التشريع الساري من عقوبات أشد.
ونصّ المشروع على أنّ شخص قام باستغلال الممتلكات المسخرة أو سوء استعمال التسخير يعاقب المخالف بالحبس من 3 إلى 10 سنوات وغرامة مالية تتراوح بين 300.000 و1.000.000 دينار جزائري.
أمّا من يمتنع عن تقديم المعلومات أو تقديم معلومات مضلّلة تتراوح العقوبة بين الحبس من شهرين إلى 3 سنوات وغرامة من 20.000 إلى 300.000 دينار، ويُعاقب بالحبس كلّ من يُدلي بتصريحات أو بيانات من دون ترخيص من شهرين إلى سنة وغرامة تصل إلى 100.000 دينار، أما من يرفُض تنفيذ تدابير الدفاع أو التسخير تفرض عقوبة بالحبس من شهرين إلى سنة وغرامة تصل إلى 100.000 دينار.
ولا يُعفى من التزاماته المترتبة عن التعبئة العامة الشخص المحكوم عليه لارتكابه الجنح المنصوص عليها بموجب المادتين 54 و55 من هذا القانون وتعنيان بحالة كل من يرفض الاستجابة الفورية لتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، وكل من لم يتقيد بالتدابير المتخذة من طرف السلطات المختصة المرتبطة بحالة التعبئة العامة في مجال التنقل والدخول إلى التراب الوطني والخروج منه.
تقرير سنوي حول مدى جاهزية القوات المسلحة
وحسب النص الجديد فإن وزير الدفاع الوطني يرفع تقريرا سنويا أو كلما اقتضت الضرورة، إلى رئيس الجمهورية، يتضمن تقييميا عن مستوى التحضير والجاهزية العملياتية للقوات المسلحة في مجال التعبئة العامة وعن النشاطات ذات الصلة.
وحالة تنفيذ التعبئة العامة، تواصل أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية والقطاعان العمومي والخاص على جميع المستويات أداء مهامها بصفة عادية، مع إبلاء أولوية نشاطاتها لاحتياجات القوات المسلحة.
////////////////////////////////
تعليقات 0